جواهر
بعد تأجيل وزارة العدل لمشروع "الغرف الزوجية" في السجون

السجناء يطالبون بحقهم في الخلوة الشرعية بزوجاتهم..!

جواهر الشروق
  • 71476
  • 164

عادت قضية الخلوة الشرعية في السجون الجزائرية إلى التفجر مرة أخرى، وسط توقعات بأن تنفذ هذه الفكرة قريباً، بعد تدشين 99 مؤسسة عقابية جديدة، خاصة وأن البرلمان الجزائري قرر مناقشة هذه القضية مطلع السنة المقبلة بطلب من بعض الجمعيات النسوية والأحزاب.

وبدأت أصوات جزائرية عديدة تطالب بتطبيق نظام الخلوة الشرعية لحماية الأزواج والزوجات من الانحراف والاستفادة من تجارب عديد الدول العربية، خصوصاً أن المملكة العربية السعودية هي أسبق هذه الدول في هذا المجال، إذ طبقت الخلوة الشرعية بين المسجونين وزوجاتهم منذ عام 1978 وتلاها في هذا الخصوص الكويت واليمن وليبيا وتونس والمغرب وقطر ودبي.

 

09 ساعات للسجين المغربي مع زوجته والسعودية رائدة 

الجزائر البلد العربي الوحيد الذي يمنع غرف الزوجية

تُعتبر الجزائر الدولة العربية الوحيدة التي تمنع الخلوة الشرعية داخل السجون، فالخلوة مسموح بها بالسجون المصرية، وهي تمارس في أماكن متفرقة في السجن، وفي المغرب يستفيد السجين صاحب السلوك المستقيم من 9 ساعات كاملة للقاء زوجته في غرفة مخصصة للغرض، وكثير من سجناء المغرب يدخلون في إضرابات للمطالبة بها. بينما تُعتبر السعودية من أسبق الدول العربية في تطبيق الخلوة الشرعية منذ عام 1978، وهي تعتزم حاليا بناء شقق سكنية فاخرة بدل غرف الخلوة لتوفير الراحة للزوجين، تلتها في ذلك الكويت واليمن وقطر والإمارات العربية المتحدة وليبيا وتونس وقطر.. كما أعلنت الأردن نيتها في تطبيق الخلوة الشرعية للسجناء بعد تجهيز غرف مخصصة لها.           

حقوقيون وأساتذة ومختصون وأئمة يؤيدون المطلب

سجناء الجزائريون يصرخون.. نريد الخلوة الخلوة بنسائنا.. !

الظاهرة وراء انتشار مظاهر الشذوذ والانحراف في السجون 

فجر حقوقيون وأساتذة ومختصون وممثلون عن المساجين وعائلاتهم قضية “غرف الخلوة الشرعية” التي تحدث عنها المدير العام لإدارة السجون مختار فليون قبل ثلاث سنوات، واعترف أنها من الحقوق الأساسية للسجناء، غير أن هذه الفكرة بقية حبيسة الأوراق، في حين يعاني المساجين في الجزائر من الجنسين الذكور والنساء كبتا جنسيا وصفه المختصون بالعنيف و”القنبلة الموقوتة” وهو من أسباب انتشار مظاهر الشذوذ والانحرافات الأخلاقية في سجوننا. 

وتمكنت “الشروق” من التحدث إلى بعض المساجين الشباب من سجن الحراش بالاستعانة بمحامين وعائلات المساجين، حيث أبدى أغلب المحبوسين الذين تحدثنا معهم حرقة كبيرة على زوجاتها، خاصة منهم الشباب المتزوج حديثا، والذين وجدوا أنفسهم خلف القضبان لأسباب تعددت، حيث أكد لنا الشاب “مراد. ح” 33 سنة متزوج وأب لطفلة في الرابعة من عمرها، أنه لم ير زوجته لأكثر من ثلاثة أشهر، بعدما تحول السجن الى تهمة، وقال “كنت أتمنى أن تسمح لي إدارة السجن بلقاء زوجتي في غرفة معزولة لأمنحها حقها الشرعي وأصونها، وتمنحني هي الأخرى حقي الشرعي، خاصة وأن زوجتي تقطن في ولاية قسنطينة، وليس بإمكانها القدوم لزيارتي بشكل دوري..”

ومن جهته قال الشاب “حسين. ر” 38 سنة أب لثلاثة أطفال أنه يلتقي بزوجته في السجن مرة كل 15 يوما، ويحدثها عبر الهاتف، ولا يسمح له بلمسها أو عناقها، وأضاف “كم اشتهيت زوجتي التي جعلها الله حقا لي وكم أتمنى أن أحصن زوجتي وأحميها من الوقوع في الحرام..”. 

 

رئيس هيئة إدماج المساجين حمديني عمار: 

 “اكتظاظ السجون وراء عدم استفادة السجين من  “الغرف الزوجية”

أكد الأستاذ حمديني عمار رئيس الهيئة المدنية لإدماج ذوي السوابق العدلية أن الخلوة الشرعية في المؤسسات العقابية غير مطبقة في الجزائر، سواء في جناح الرجال أو النساء، ولم يتضمنها قانون الإدماج الاجتماعي.

 وأوضح أنه لم يتطرق إلى هذا الموضوع في برنامج الهيئة كون هناك أمور كثيرة لم تطبق رغم أن القانون المذكور سابقا نص عليها، على سبيل المثال اتصال السجين بالهاتف، حيث يقتصر هذا الحق إلى يومنا على فئة قليلة حسب نوعية الظرف الاجتماعي. وأضاف أن الخلوة الشرعية ليس فيها إضرار بالسجين أو المؤسسة بل لديها مزايا كثيرة من بينها محاربة ظواهر لا أخلاقية انتشرت في السجون مثل الشذوذ الجنسي ، وكشف أنه سيرفع مجموعة من الاقتراحات إلى إدارة السجون من بينها منح الخلوة الشرعية للمساجين والسجينات التي تندرج ضمن حقوق السجين، وقال إن تطبيق ذلك سيساهم في حل مشاكل اجتماعية كبيرة لأهل السجين، كعدم طلاق الزوج زوجته السجينة، وأضاف أنه بعد فتح 99 مؤسسة عقابية  جديدة يستفيد فيها كل سجين من 9 أمتار وهذا يكفيه لممارسة الخلوة الشرعية مع زوجته. 

 

بن براهم: 

اقترحت “غرف التقارب الزوجي” في السجون منذ 20 عاما 

نددت الحقوقية فاطمة الزهراء بن براهم، بتجاهل السلطات العمومية لحقوق المساجين المتعلقة بالجانب الإنساني، كحق المشاركة في الانتخابات وحق الجماع بين الأزواج الشرعيين إذا كان أحدهم مسجونا، وذلك من خلال فتح غرف خاصة لهم في المؤسسات العقابية.

وقالت بن براهم في تصريح للشروق، إنها سبقت أن طرحت مشروع استحداث غرف التقاء السجناء بأزواجهم تحت اسم “التقرب الزوجي” وذلك سنوات الثمانينيات عندما كان عبد القادر صلاة وزيرا مكلفا بإصلاح السجون، ولقي ترحيبا كبيرا من طرف بعض الحقوقيين، ولكنه لم يجسد لحد الساعة.

واستغربت بن براهم من عدم الإقرار بوضع غرف الجماع الشرعي للسجناء في المؤسسات العقابية في حين هناك دول كإيران والسعودية وبعض الدول المتخلفة مقارن بالجزائر، تعطي أهمية لحق السجين في الجماع مع زوجته، أو السجينة مع زوجها، مشيرة أنها طرحت مؤخرا الفكرة على قاض كبير واستخف بهذا الموضوع قائلا “أنا شخصيا لا أقبل أن تحمل ابنتي حقيبتها لتنام في السجن مع زوجها”.

وأكدت ذات الحقوقية، أن حرمان الزوجة من الجماع بزوجها السجين أو العكس هو عقاب للأسرة ككل في حين أن العقوبة تتعلق بالحبس الجسدي للمذنب. 

 

حنطابلي:

لا معنى للعقاب إذا سمحنا للسجين بمعاشرة زوجته

أكد أستاذ علم الاجتماع بجامعة البليدة، الأستاذ يوسف حنطابلي، على أن الخلوة الشرعية للزوجين تتوقف على طبيعة الجريمة التي أدين بسببها وأدخل للمؤسسة العقابية، ففي حال موافقة الزوجة على منحه حقوقه الشرعية فسينظر إليها على أنها شريكته أيضا في الجريمة وداعمة له، لذا يتوجب أن تتم الإجراءات القانونية في سرية، أما في حال إدانته في قضايا أخلاقية فيتوجب حرمانه من هذا الإجراء. وأردف المختص في علم الاجتماع  أن فلسفة العقاب تقتضي معاقبة المجرم نتيجة اقترافه جريمة معينة إما بنفيه في المجتمعات التقليدية أو السجن في المجتمع الحالي وهو ما يعني رفضه، ففي حال حصول المجرم على بعض الامتيازات منها الخلوة الشرعية فهو بذلك يثبت حضوره في المجتمع وهنا يغيب معنى العقاب.  

 

نورية حفصي: 

البرلمان سيناقش مشروع “غرف الزوجية” في السجون قريبا

أكدت نورية حفضي، رئيسة الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، تلقيها عشرات الشكاوى من زوجات السجناء اللواتي وجدن أنفسهن في حالة اجتماعية ونفسية يرثى لها، وقالت حفصي، إن قانون السجون المعدل تم الأخذ برد الاعتبار لحقوق السجين وإتاحة الفرصة أمامه للتكوين ومقابلة أفراد عائلته في غرف خاصة ولكن بوجود أحد أعوان السجن، لكن هناك حق تغاضت عليه حسبها إدارة المؤسسات العقابية، يتعلق بحق الجماع بين الأزواج. وأوضحت رئيسة اتحاد النساء الجزائريات، أن النساء التي يتواجد أزواجهن في الحبس، يواجهن حالة نفسية خطيرة، وتخير بعضهن بين الطلاق، والخيانة الزوجية، وقلّ ما نجد تضيف، من تتحدى الوضع وتبقى وفية لزوجها.

نورية حفصي، ترى أنه من الضروري الآن توفير غرف للجماع الشرعي في المؤسسات العقابية، سواء في سجن النساء أو الرجال، وقالت إن الاتحاد سبق أن طرح هذه الإشكالية أمام مجلس النواب، وسيعاد فتح النقاش في الأيام المقبلة القادمة حول هذا الموضوع، من خلال لائحة تنبثق عن المجلس الشعبي الوطني، تستوقف السلطات العمومية ووزارة العدل. 

 

جلول حجيمي: 

الإسلام يمنح للسجين الحق في معاشرة زوجته

أوضح الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، الشيخ جلول حجيمي، أن المسجون يعاقب شرعا بحكم عقوبة ثابتة، وهناك نوعان من العقوبة كالعقوبة بالتربية أو العقوبة بالزجر، إلا أن هذه العقوبة لا يجب أن تمس دينه أو قيمته الإنسانية، فالمجرم لا يظل دوما مجرما. واستشهد محدثنا بحادثة المرأة التي أرادوا أن يقيموا عليها الحد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأردف الشيخ حجيمي أن المجرم يجب أن يمنح الحد الأدنى من حقوقه في إطار الشريعة الإسلامية، وكان عمر بن الخطاب وقت للناس في مغازيهم ستة أشهر يسيرون شهرا ويقيمون أربعة أشهر ويرجعون في شهر، واستطرد حجيمي بأن التنسيقية الوطنية للأئمة مستعدة لتنظيم وتأطير هذا الإجراء من الجانب الشرعي إذا ما اعتزمت وزارة العدل ومديرية السجون اعتماده.

 

خبير العلاقات الزوجية  لحسن بوجناح: 

منع السجناء من معاشرة زوجاتهم جريمة وقنبلة في السجون 

شبّه خبير العلاقات الزوجية والسلوكية لحسن بوجناح، السجين المحروم من حقه الزوجي بالقنبلة الموقوتة التي تهدّد بانتشار الشذوذ بالمجتمع نتيجة الكبت الجنسي، وهو ما جعله يطالب بضرورة وجود الخلوة الشرعية للنساء والرجال المسجونين لمدة تفوق السنة، لأن منعها هو عقوبة إضافية للحرمان من حق إنساني، وضرورة طبيعية أقرّها الإسلام قبل القانون والمواثيق الدولية، وهو ما مهّد -حسبه- لانتشار اللواط والسحاق بالسجن.

ولأهمية الخلوة الشرعية بين الزوجين اتخذتها بعض الدول وسيلة ضغط على السجين لتقويم سلوكه، فإذا حسّن سلوكه سُمح له بالخلوة. ويضيف بوجناح “نطالب بعدم المساس بالدائرة الشخصية والعاطفية للمسجون، وبسن قوانين لتنظيم اللقاء بين الزوجين وفق ظروف إنسانية على الأقل مرتين شهريا….فالكبت الجنسي هو عزلة حسية وسيكولوجية للمسجون المحروم من الحرية، فسيصبح قنبلة معرضة للانفجار في أي لحظة”.

 

سليمة مهوب مختصة نفسانية: 

إبعاد السجين عن زوجته أكثر من أربعة أشهر “جريمة” 

دعت المختصة النفسانية، سليمة موهوب، إلى ضرورة اعتماد أماكن مخصصة للخلوة الشرعية داخل المؤسسات العقابية لأنه يستحيل على الزوجين البقاء لمدة 4 أشهر بعيدين عن بعض، فالسجين في البداية يكون مستعدا لجميع أنواع الحرمان غير أنه بمرور الوقت قد يؤدي بهما معا أي السجين وزوجته أو العكس إلى انحرافات سلوكية وأخلاقية كالشذوذ الجنسي والخيانة بالنسبة للطرف الآخر غير الموقوف، وينعكس ذلك أيضا على سلوكياته حيث يعاني من اضطرابات وقلق دائم يفقد بموجبه السيطرة على غضبه.

 

نفيسة لحرش تحذر من عواقب منع السجناء من زوجاتهم: 

زوجات السجناء تفرقن بين الطلاق والخيانة الزوجية

السيدة نفيسة لحرش، رئيسة جمعية المرأة اعتبرت أن زوجات السجناء أكثر شريحة النساء اللواتي تعانين في صمت خاصة وأنهن لا يصرحن لأي جهة معنية بحقيقة هذا الوضع، خاصة الحرمان من العلاقة الشرعية التي كن يمارسنها مع أزواجهن، وهو ما يجعل أغلبهن يعشن العشق الممنوع في انتظار انتهاء عقوبة أزواجهن. وقالت إن لقاء نزلاء المؤسسات العقابية بزوجاتهم أو السجينات بأزواجهن، في حد ذاته علاج نفسي وتنفيس عن كبت وغضب داخلي، مشيرة إلى أنها طلبت من وزارة العدل أن تجري لقاء داخليا مع السجينات مع الاستماع لزوجات سجناء كدراسة ميدانية.

ومن ضمن القضايا التي تناولتها محكمة حسين داي، مؤخرا، واقعة تتعلق بشخص خرج من السجن ووجد زوجته الشابة حاملا فقرر تطليقها، وأمام مدخل المحكمة ثار ضدها فحاول تشويهها بسكين فأصابها على مستوى أصابع اليد.

 

قال إن هيأته تحضر لتقرير رسمي حول الظاهرة، قسنطيني: 

لا توجد حجة لمنع السجناء من الخلوة بزوجاتهم

كشف رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني للشروق، عن إعداد لجنته لتقرير حول واقع السجناء في المؤسسات العقابية، خاصة فيما يخص حق المتزوجين منهم في الجماع في غرف خاصة، وقال إن السجون التي بنيت مؤخرا والتي هي في طور الانجاز واسعة ولا يوجد أي إشكال في تخصيص أماكن لانفراد النزلاء بزوجاتهم أو السجينات بأزواجهن كحق شرعي وهذا لحفظ كرامة الطرفين.

وقال قسنطيني إن وزارة العدل مطالبة من طرف الحقوقيين باتخاذ إجراءات لازمة فيما يخص موضوع غرف لممارسة السجناء المتزوجين حقهم الشرعي.

مقالات ذات صلة