جواهر
ينتهي بهنّ المطاف متشردات ومطلقات ومسيحيات

الزواج بالأجانب.. وهم وخداع

نادية سليماني
  • 15553
  • 0
أرشيف

انتهى الأمر ببعضهن مطلقات ومتشردات في الخليج، من دون وثائق إقامة ولا مصدر رزق، وأخريات اخترن “الانحراف” مُجبرات في تركيا، بعد تبخر عريس الأحلام. ومن مصر رجعن خائبات، وبالعراق تطلقن وعشن متشردات مع أبنائهن.. أما الارتباط بمسيحيين ومجوسييّن وملحدين، فتلك طامة أخرى.. إنهن جزائريات أغرتهن صور كاذبة ووعود وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأردن التميز مع عريس أجنبي، والنهاية محاكم وجنون وتشرد وانحراف، وحتى خروج عن الإسلام.

لطالما أثار موضوع زواج الجزائريات مع أجانب، جدلا كبيرا. فرغم أن الأمر في ظاهره عادي، ولا يعدو كونه ارتباطا مكتمل الشروط غالبا، ولكن الإشكال في تبعاته السلبية. فكثير من هذه الزيجات كانت نهاياتها مأساوية، راح ضحيتها أطفال ونساء. وتحوّل بعضها الى زواج مُتعة ومسيار. والشّائع مؤخرا وللأسف، زواج جزائريات مع مسيحييّن في ظاهرة لا يقبلها عقل ولا دين.
فبعد ما كان الزواج مقدسا، له شروط وعادات لا يمكن تجاوزها، اذ نادرا ما سمعنا عن زيجات مختلطة الجنسيات سنوات السبعينات والثمانينات، لكن مع الانفتاح الرقمي، الذي أثر سلبا على تقاليد مجتمعنا المُحافظ، انتشر الزواج الرّقمي، نتيجة علاقات التعارف الإلكترونية. كما أنتج انفتاح السوق الجزائرية على الشركات الأجنبية، ودخول جنسيات مختلفة، زيجات مختلطة لجزائريات مع صينيين وهنود ومصريين وأتراك وفرنسيين وايطاليين.
ورغم نجاح بعض الزّيجات المختلطة، والتي لم تتعدّ نسبة 5 بالمائة، حسب تأكيد رجال قانون لـ”الشروق”، الا أن غالبيّتها كان مصيرها الفشل الذريع، وتجرّعت فيها الجزائريات الأمرّين.
كشف أحد اللقاءات المنعقدة مؤخرا، والذي جمع خبراء قانونيين من أصحاب التجربة في مشاكل الزيجات المختلطة، بين جزائريات وأجانب، أن الظاهرة باتت خطيرة جدا، اذ لم يعد ارتباط الجزائريات مُقتصرا على الأجانب المقيمين في الجزائر، بل تعدّاه إلى حمل الفتاة حقيبتها وانتقالها لبلد عريسها المجهول، الذي تعرّفت عليه في دردشة الكترونية .

تعرّفت على عراقي.. تركها مُشردة في مطار بغداد
ولنا في قصّة “ريمة” الجزائرية و”رياض” السّوري العبرة، فريمة مطلقة وأم لطفلين، حملت مجوهراتها وأمتعتها وهجرت ولديها، متوجهة نحو لبنان في عز جائحة كورونا، باحثة عن رياض الذي تعرفت عليه عبر الإنترنت، ووعدها بالزواج، ثم اختفى كلية. وانتهت رحلتها بعثورها على عريسها الذي رفضها، وصعقها بجملة “لم أر فيك يوما زوجة لي..!!”، ومع ذلك تمسكت به ريمة ورافقته لقريته في أرياف سوريا، وهي التي كانت تعيش في رفاهية بالجزائر.
وقبلها قصة شابة جزائرية، تعرّفت على عراقي عبر منصات التواصل الإجتماعي، والذي وعدها بالزواج، شرط ذهابها اليه بالعراق، حيث وعدها باستقبالها في المطار. وشدّت المعنية الرحال نحو العراق، رغم صعوبة العملية. والكارثة، أن الشابة وجدت نفسها تائهة في مطار بغداد، بعد ما اختفى العريس الوهمي وأغلق هاتفه. فلم تجد من حلّ سوى ارسال نداء عبر “فايسبوك” مناشدة الجزائريين والعراقيين لمساعدتها.. !!

الزّواج مع خليجيين.. ظاهرة رقميّة جديدة
ويؤكد رجال قانون، انتشار ظاهرة ارتباط جزائريات مع خليجيين، والتي كانت نادرة جدا سنوات ماضية. والظاهرة روّجت لها “مؤثرات رقميات” جزائريات وعربيات، واللواتي يبالغن في اظهار مظاهر الرفاهية في الدول الخليجية، وخاصة بإمارة دبي، وهو ما جعل كثيرا من الجزائريات يهاجرن مؤخرا للاستقرار في دبي، وبأي طريقة كانت. ولضمان عدم عودتهن للبلاد، يفضلن الارتباط بخليجيين، ولو كزوجة ثانية، أو حتى زواج متعة ومسيار. وهو ارتباط ينتهي سريعا بطلاق.

الارتباط مع بعض الأتراك.. وهْمٌ كبير
أما ارتباط الجزائريات بأتراك، فتلك حكاية أخرى، فمنذ بدء عرض المسلسلات التركية المُدبلجة بالعالم العربي، وإظهار الرجل التركي بأنه الرجل الوسيم بطل الرومانسية، غرقت الجزائريات في أحلام اليقظة، وصار الارتباط برجل تركي حلما، ومن هنا بدأ التعارف الإلكتروني عبر سكايب وقتها مع أتراك. وأخريات سعين “لاصطياد” الأتراك العاملين في الجزائر، والنهاية عشرات الزيجات في نهاية التسعينات بين جزائريات وأتراك.
وما تجهله نساؤنا، بأن الرّجل التركي في عمقه “أناضولي صعب المراس، مُتمسك بعائلته وتقاليده، وأن ما تروج له المسلسلات المدبلجة، هو في الحقيقة مجرد اشهار للسياحة في هذا البلد”. والدّليل الإقبال الرهيب للسياح العرب لزيارة تركيا، وهنالك لم تجد الجزائريات رجالا وسيمين يعيشون في قصور فارهة مثل المسلسلات، بل هم عاديون جدا، فرجال الجزائر “أكثر تفتحا منهم في الغالب”. ومع ذلك تورّطت كثيرات منهن في هذه الزيجات، وتملكهن الندم المتأخر.

زواج “الشنطة”.. بين جزائريات ومصريين
وفي مصر ورغم نجاح بعض الزيجات المختلطة، لكن بعض الجزائريات واللواتي حملن حقائبهن لملاقاة عريس مصري، وجدن أنفسهن “يعلفن” الجاموسة في إحدى قرى الصعيد المصري، أو تورطن في زواج سري أو عرفي، لدرجة بات يطلق على هذا النوع من الزيجات “زواج الشنطة”.
وفي هذا الصدد، نذكر قصة جزائرية شدت الرحال نحو مصر، جريا وراء فارس أحلامها، وعندما وصلت أرض الفراعنة، لم تجد له أثرا. فهو عريس وهمي. ومع أن السفارة الجزائرية حاولت أن تضع حدا لهذه الزيجات، لكنها تقف عاجزة عندما تصلها الحالة بعد عقد شرعي وأولاد، ثم طلاق.

الارتباط بمسيحييّن ومُلحدين.. صار “موضة “
وانتشرت، مؤخرا، وفي ظاهرة خطيرة، ارتباط جزائريات وعلنا بمسيحيين ومجوسيين وملحدين، لدرجة أن بعض المؤثرات الرقميات الجزائريات والمقيمات في الخارج، يروجن لمثل هذا الزواج، عن طريق إبراز تفاصيل حياتهن اليومية مع أزواجهن غير المسلمين، بل وصلت الجرأة لبعضهن بتصوير أنفسهن داخل الكنائس، في طريقة غير مباشرة للتبشير للمسيحية.
ولأن عمليّة الزواج بأجنبي، تحكمها قوانين صارمة في الجزائر، تحتال بعض الفتيات ويقصدن دولا أخرى لعقد قرانهن، على غرار دولة تونس، أو يتزوجن عرفيا، متوهمات بأن القضاء الجزائري سيسجل زواجهن بعد إنجابهن أطفالا، وهذا خطأ.
وأكد المحامي بمجلس قضاء الجزائر، نجيب بيطام لـ”الشروق “، أن زواج الجزائريات بأجانب، يخضع لقوانين خاصة، أهمها الحصول على رخصة إدارية، موضحا بالقول “ليتزوج الأجنبي بجزائرية، عليه الحصول على إذن من الإدارة، حيث يقدم ملفا إلى لجنة متواجدة على مستوى الولاية، ثم يخضع هذا الملف لدراسة معمقة، خاصة من السلطات الأمنية”.

محاكمنا لا توثق زواجهنّ العرفي حتى بوجود أطفال
وسبب تعقد الإجراءات، حسب المحامي، أن كثيرا من الأجانب يكون غرضهم من هذا الزواج، قضاء مصلحة خاصة، ومنها الحصول على الجنسية الجزائرية والإقامة الدائمة.
وعندما تصطدم الفتيات بهذه الشروط القانونية، يلجأن إلى الزواج بموجب عقود عرفية “وحتى إن كان الزواج العرفي صحيحا شرعا، إذا اكتملت أركانه، ولكنه غير مرسم من الناحية الإدارية”.
وقال بأن المغامرات بالزواج مع أجانب وفق عقود عرفية، يتوهمن بأنهن سيتحصلن على حكم تثبيت الزواج من طرف العدالة، وتسجيل الزواج في مصلحة الحالة المدنية، ” وهذا تخمين خاطئ” على حد قوله، لأن القضاء الجزائري “لا يحكم بإثبات هذا النوع من الزواج، إذا تخلفت الرخصة الإدارية، وهنا تجد المرأة نفسها مُعلقة “.
وكشف بأن عشرات القضايا من هذا النوع مطروحة على القضاء الجزائري، والمؤسف هو وجود حالات أنجبن أطفالا بقوا دون وثائق.

طلّقها عراقي وتشرّدت مع ابنتها في تركيا
وسرد علينا بيطام، قصة جزائرية التقاها في قنصلية الجزائر بتركيا، جاءت تشكو من وضعيتها القانونية، والمعنية تزوجت رجلا عراقيا، وأنجبت منه بنتا في العراق، ولكنه طلقها لاحقا، والإشكال أنها وجدت نفسها عاجزة عن دخول الجزائر، لأن ابنتها لا تحوز أي وثائق. فلجأت إلى قنصليتنا في اسطنبول، وخلال دردشة جمعتها مع نائب القنصل، وبحضور المحامي بيطام، أوضح لها المسؤول بأنّ مشكلتها يجب أن تُطرح على الجهات العراقية وليس الجزائرية.
ويحذر محدثنا النساء، من الارتباط بأجانب، لأن عواقب كثيرة من هذه الزيجات خطيرة جدا، لأنّ نسبة نجاحها لا تتعدى 5 بالمائة. وأضاف “حتى الزواج بأجنبي داخل الجزائر قد يشكل خطرا، فكثير من الأجانب هدفهم هو زواج متعة طيلة مدة إقامتهم ثم الهرب إلى بلدانهم، حتى ولو أنجبت زوجاتهم، تاركين إياهن يتخبطن بمفردهن” على حدّ قوله.
وحذر بالخصوص من ظاهرة الزواج بأتراك، التي ازدادت مؤخرا، حيث قال “على فتياتنا عدم الانسياق وراء الأحلام الزائفة، لأن المسلسلات التركية شيء والواقع المعيش في هذا البلد شيء آخر.. فالرجل التركي محافظ وصعب المراس، فحتى نساؤهم يجدن صعوبة في الظفر بحقوقهن، فما بالك بالأجنبيات”.

يقعن في براثن عصابات “الجنس والجاسوسية “
ويحذر الأئمة من الزواج المختلط، لما قد ينجر عنه من أخطار على النساء وأطفالهن، إذ ذكر إمام مسجد القدس بحيدرة، لـ”الشروق”، بأن الإسلام، وضع مجموعة من التشريعات التي تتعلق بالزواج، ونظّم أحكامه، وجعل شروطا لجميع أركان عقد الزواج. وقال سبحانه وتعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
وأكد المُتحدث، بأن آلاف الجزائريات يقعن في شراك الجنس والجاسوسية، بعد تورطهن في زواج مختلط، وهو ما جعل مؤسسات سياسية واجتماعية ودينية، تحذر الفتيات الجزائريات من الوقوع في براثن “عصابات” الجنس وشبكات التجسس بسبب ظاهرة الزواج المختلط. مؤكدا أن الظاهرة استفحلت، ولابد من دق ناقوس الخطر في المجتمع، في ظل انتشار منصات التواصل الاجتماعي، وغياب رقابة الأهل.

تزوجت إيطاليا عرفيا.. ثم توفي.. !!
وذكر قسول قصة، تزوجت فيها جزائرية من ولاية سيدي بلعباس عرفيا مع رعية إيطالي، وعندما دفعت جميع الوثائق لتسجيل زواجها بالمحكمة، توفي زوجها، وهي الآن في رحلة شاقة لتسوية وضعيتها وتسجيل زواجها، للحصول على حقوقها.
ويؤكد، بأن ظاهرة الزواج مع أجانب، شهدت ارتفاعا في السنوات الأخيرة، وظهرت للعلن، منذ بداية قدوم الشركات الأجنبية إلى الجزائر منذ عشرات السنين. وقال “الظاهرة انطلقت من نظرة حالمة لا تستند إلى الواقع، لتنتهي بواقع مُر وكابوس”. فصعوبة هذه الزيجات، تكمن في اختلاف المجتمعات والثقافات والعادات، وحتى الديانات.

ضرورة دراسة تبعات الزواج المختلط من جميع النواحي
واعتبر الإمام، بأن الزواج مع أجانب من مختلف الجنسيات، مسلمون وغير مسلمين من أهل الكتاب والكفر، منهم من دخلوا في دين الله ولم يمنع ذلك لا الإسلام ولا القانون، وما يقال عن الرجال يقال على النساء. فهناك نساء نجحن في هذا الزواج وأخريات فشلن.
وختم بالقول “والحقيقة حتى المتزوجات بأبناء بلدهن قد يفشلن، فالمطلقات بالآلاف والمخلوعون أيضا، ولدينا أطفال ولدوا بعد زواج عرفي. ومن ثم ما نلاقيه من المشاكل في الزواج المختلط هو نفسه ما تعانيه العائلة الجزائرية ككل. ولكننا تكلمنا مرارا وتكرارا، لدراسة ملف الزواج المختلط من جميع النواحي الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية، لصعوبة مثل هذه الزيجات من حيث تبعاتها في حال حدوث طلاق أو خداع أو وفاة”.

مقالات ذات صلة