-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المخزن ترك شعبه يعيش في الكهوف لتشجيع السياحة

الزلزال يُعرّي “المغرب الآخر” المُغيّب عن أنظار العالم

محمد مسلم
  • 4593
  • 0
الزلزال يُعرّي “المغرب الآخر” المُغيّب عن أنظار العالم

كشفت الصور والفيديوهات التي تسربت مع التقارير الإعلامية الغربية خاصة، عن الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق جنوب المملكة المغربية، عن فظاعة المغرب الآخر، المغرب الحقيقي البعيد عن أنظار العالم، والذي يعيش وضعا مأساويا يعتقد من يقف على حقيقته، أن المشاهد خيالية مُهربة من حياة الإنسان البدائي الذي كان يعيش في الكهوف، ومع ذلك يمنع دخول المساعدات إلى شعبه إيهاما بقدرته على مواجهة تداعيات الزلزال بإمكانياته شبه المعدومة.

وأظهرت المشاهد التلفزيونية من قرى الأطلس الكبير، بيوتا طينية صغيرة مركونة بعيدا في سفوح وكهوف الجبال، ولذلك عندما ضرب الزلزال تزعزعت الصخور وسحقت تلك البيوت الهشة بمن فيها، في مشاهد مهولة. كما أن حالة تلك البيوت المهترئة، كانت مهيأة لكي تنهار بمجرد تعرضها لهزة خفيفة، ويؤشر على هذا اختفاء قرى بأكملها، باستثناء بعض المساجد التي احترم فيها بعضا من معايير مقاومة الزلازل.

ويتحدث مختصون مغربيون، ومنهم عبد الرحيم العلام، الأستاذ في جامعة القاضي عياض في مراكش، في تصريحات لموقع “الحرة” الأمريكي، عن حالة “الفقر والحاجة” التي يعانيها سكان الإقليم و”ضعف البنيات التحتية والخدماتية”، وغياب الطرق المعبدة التي أثرت على عمليات الإنقاذ ومساعدة المتضررين من الزلزال، وذلك بالرغم من أن منطقة “الحوز” شاسعة وتأوي ما يقارب نصف المليون نسمة.

كما توقفت عالمة الجغرافيا المغربية، فاطمة جبرات، في حوار خصت به الجريدة الالكترونية الفرنسية “ميديا بارت”، عند مغربين أو مجتمعين في المملكة العلوية، مغرب في السهول وآخر في الجبال، وأقرت بفشل الدولة في نقل التنمية إلى المناطق المغربية البعيدة رغم مرور ما يقارب سبعة عقود من انتهاء الحماية الفرنسية على المغرب وانتقال تسيير الدولة إلى العائلة الملكية الحاكمة.

وتداولت شبكات التواصل الاجتماعي تسجيلا صوتيا مثيرا لشاب مغربي يتحدث بحرقة عن حرمان النظام الشعب المغربي من حقه في بناء مساكن عصرية تتماشى ومعايير مقاومة الزلازل والكوارث الطبيعية تليق بهم كغيرهم من شعوب العالم، وفي هذا الفيديو يتحدث الشاب عن منع استعمال الإسمنت في البناء، حتى يبقى المغربيون يعيشون في بيوت طينية على شكل كهوف، بما يجعلهم قبلة للسياح الأوروبيين ومشاهد مغرية للتصوير في ظل اقتصاد قائم على السياحة ومشتقاتها غير الأخلاقية، وكأن الأمر يتعلق بحدائق حيوان للنزهة والراحة.

ولذلك لم تتورع عالمة الجغرافيا، جرات فاطمة، عن مطالبة النظام المغربي بإعادة النظر في تخطيط استخدام الأراضي ووضع ضوابط للبناء في الجبال، لأن الفقر يدفع السكان إلى الاحتماء بالجبال عبر البناء في سفوحها بهدف التقليل من فاتورة مواد البناء، في دولة شبه معدومة الموارد، تسيطر عليها الفاقة والبطالة.

قد يبدو الأمر مبررا في نظر بعض المدافعين عن النظام المغربي، بحكم أن المملكة العلوية دولة فقيرة ومعدومة الإمكانات واقتصادها قائم على المديونية الخارجية (أكثر من 70 مليار دولار دين خارجي فقط)، ومن ثم فهي غير قادرة على تلبية حاجيات سكانها الذين يبلغون نحو 37 مليون نسمة، إلا أن ذلك يبقى غير مبرر في نظر البعض الآخر من المتابعين، لأن ثروات بعض الأثرياء المغربيين تقدر بملايير الدولارات، وكان بإمكان النظام تجيير هذه الأموال في دعم التنمية المحلية، بما ينمي ثرواتهم ويعود بالفائدة على المهمّشين من المغرب الآخر الذين لم يتم اكتشافهم إلا من خلال هذا الزلزال.

وعلى الرغم من كل هذه المشاهد المؤلمة والمعطيات الصادمة، يصر النظام المغربي على حرمان شعبه من مساعدات من الدول الشقيقة والجارة والصديقة، محاولا إظهار حقيقة زائفة مفادها أنه قادر على مواجهة تداعيات الكارثة الزلزالية لوحده، وهي الخدعة التي لا يمكن أن تنطلي على ذي عقل، لأن دولة مثل تركيا التي تفوق إمكاناتها المملكة العلوية بعشرات المرات إذا لم تكن بالمئات، لم ترفض المساعدات الخارجية عندما ضربها الزلزال مطلع العام الجاري.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!