الجزائر
إنهاء التحقيقات الإدارية والتسوية وطنيّا قبل جوان المقبل

الرقمنة لكبح نهب عقارات الدولة ومنحها بـ”التراضي”

نوارة باشوش
  • 3456
  • 0
أرشيف

أمرت وزارة المالية مصالح أملاك الدولة والحفظ العقاري ومسح الأراضي بضرورة إنهاء التحقيقات الإدارية وعمليات التسوية المتعلقة بالعقار في 58 ولاية قبل نهاية السداسي الأول من السنة الجارية، مما يسمح بتسريع عملية الرقمنة لجميع الملفات على مستويين مركزي ومحلي وكذا عمليات التسجيل والإشهار والمسح العقاري، وبالتالي تشديد الخناق على “مافيا وسماسرة” العقار لوضع حدّ للفوضى والتلاعب بالعقار والقضاء النهائي على كل أشكال النهب والتزویر والنزاعات العقاریة الشائكة التي أخذت أبعادا خطیرة في السنوات الأخیرة.
وتدخل العملية حسب مصادر “الشروق” في إطار السياسة التي تقودها الدولة، تنفيذا لتعليمات الرئيس تبون، الرامية إلى توديع حقبة طویلة من التسییر التقلیدي والانتقال إلى مرحلة جدیدة من العصرنة تكون فیها الرقمنة المتطورة حقیقة مجسدة على أرض الواقع، للوصول إلى إدارة فعالة شفافة لا مجال فیها لإهدار الوقت والجهد والمال بكافة القطاعات، لاسیما القطاع العقاري الاستراتيجي الذي بدأت مسیرة الرقمنة فیه بفعالیة كبیرة في العدید من ولایات الوطن، باعتباره یقود قاطرة التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة ما يسمح بتوفير حافظة عقارية للدولة لإنجاز مشاريع ومرافق عمومية وإنجاز عديد الاستثمارات.
وتشير آخر حصيلة سجلت في ديسمبر 2022 حسب مصادرنا إلى أن المساحة الإجمالية التي مستها عملية مسح الأراضي بالمناطق الريفية بلغت 16 مليونا و500 ألف هكتار، فيما بلغت مساحة المناطق الحضرية التي مستها العملية أكثر من 460 ألف هكتار لتبقى مساحة أكثر من 1 مليون لم تمسها عملية المسح في المناطق الريفية والحضرية.
وبالمقابل، فإن رقمنة “العقار”، حسب المصادر ذاتها، ستقطع دابر مافيا و”سماسرة” التلاعب بأراضي الدولة والعقارات الصناعية والفلاحية والسياحية، والتعدي عليها ونهب مساحات هامة من هذه وبيعها بالدينار الرمزي، كما سيقضي نهائيا على كل أشكال النهب والتزویر والنزاعات العقاریة الشائكة التي أخذت أبعادا خطیرة في السنوات الأخیرة، وصلت إلى حد تعطیل الكثیر من المشاریع الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن توفیرها للأمن العقاري ودعمها وتمكینها من التسییر العیني العقاري وتحقیق البنیة التحتیة للبورصة العقاریة، ينتهي كل هذا بحمایة الثروة العقاریة.
وفي هذا السياق، كشفت المحاكمات التي شهدها القضاء الجزائري منذ انطلاقها في سنة 2019 سواء على مستوى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي، باعتباره متخصصا في قضايا الفساد الكبرى، أو على مستوى المحاكم المنتشرة عبر ربوع الوطن المنحى الأفقي إلى المنحى العمودي، في التعدي على الأراضي المملوكة للدولة، وفضحت النهب الممنهج لعقارات “البايلك” بالدينار الرمزي من خلال توزيعها بطريقة عشوائية تحت غطاء “منح الامتياز” بالتراضي، مما سمح باستفادة العديد من رجال الأعمال وشخصيات نافذة ومسؤولين وضباط كبار وشخصيات سياسية ورياضية ونقابية، من آلاف الهكتارات من العقارات الصناعية والسياحية خاصة الفلاحية دون وجه حق بتواطؤ من مسؤولين محليين وولائيين ومديرين مركزيين من مختلف القطاعات بذريعة تسهيل عملية الاستثمار “الوهمي”.
يأتي هذا موازاة مع وضع وزارة العدل اللمسات الأخيرة لمشروع القانون التمهيدي المتعلق بحماية الأراضي المملوكة للدولة والمحافظة عليها، على طاولة الأمانة العامة للحكومة، والذي يفترض أن يقر عقوبات صارمة وأحكاما ردعية على كل من تسول له نفسه الظفر بشبر واحد من أراضي الدولة أو المساحات المبنية وغير المبنية دون وجه حق.
وإلى ذلك، فإن وزارة العدل سعت وما زالت تسعى جاهدة لقطع أيادي المستفيدين من عقود الامتياز، بعد تمكنها من استرجاع أملاك الدولة العقارية التي أخل المستفيدون منها بالتزاماتهم التعاقدية، مخالفين بذلك الأمر رقم “08-04” المؤرخ في 1 سبتمبر 2008، وقد صدرت هذه الأحكام بناء على دعاوى رفعتها وزارة المالية، في إطار محاربة الفساد بشكل عام ووضع حد لطرق الاستيلاء غير الشرعي على الأملاك العامة، حيث تمكنت من استرجاع 1994 هكتار أي ما يزيد عن 19 مليون متر مربع من الأراضي في ظرف قياسي.

مقالات ذات صلة