الرأي

الدنيا “هانية” بعيدا عن هؤلاء!

قادة بن عمار
  • 4808
  • 6

عندما تشير دراسة طبية “بالفم المليان” أن المحفظة المدرسية التي يفرضها الوزير عبد اللطيف بابا أحمد على أطفالنا تسبب التواء العمود الفقري وتعرقل نمو هذا التلميذ الزوالي ابن الزوالي، فإننا بصدد سلوكٍ ليس جديدا على هذه الحكومة “المصابة بالاعوجاج” أصلا والمختصة في “تعويج” الشعب منذ صغره وعرقلة نموه الطبيعي!

أحيانا تنشر وسائل الإعلام أخبارا عن بشرٍ يعمّرون لأزيد من مائة سنة في اليابان أو في أوروبا، فنقول حينها إن الأمر طبيعي جدا، هنالك المنظومة الصحية متطورة، والظروف المعيشية تساعد على مقارعة السنين ومكابدة الحياة، لكن أن نقرأ عن جزائري استمر إلى ما بعد سن المائة، بقليل أو بكثير، حتى إنه ينافس أكبر المعمرين، فهذا ما يجعلنا وبعد التأكيد على أن الأعمار بيد الله، نتساءل: كيف أفلت هذا المواطن المحظوظ من جميع تلك الحكومات المتعاقبة التي تتعمد تقليص أعداد العباد حتى يسهل عليها تسيير و”نهب” البلاد؟!

وغالبا ما تأتينا الإجابة سريعة، فنكتشف أنّ هذا المواطن قضى معظم حياته الطويلة جدا في المناطق الريفية والجبلية، أي بعيدا عن السياسة والسياسيين، والإدارة والإداريين، والسلطة والسلطويين، والحكومة والحاكمين، والإعلام والإعلاميين، والرياضة والرياضيين، والفن والفنانين، والشيتة والشياتين، والنفاق والمنافقين، والكذب والكذابين، والأحزاب والمتحزّبين، والنقابات والنقابيين، والرشوة والمرتشين..

 

عاش هذا المواطن طويلا لأنه لم يدخل مستشفيات زياري ومن قبله، ولم يأكل من أسواق بن بادة ومن سبقه، لم يتعلّم في مدارس بن بوزيد ومن بعده، لم يسمع بشكيب خليل وسرقاته، لم تتحفه خطابات عبد المالك سلال وشعبويته، لم ينتخب على أيّ رئيس في حياته، لم يطلب وثيقة إدارية من بلديات دحو ولد قابلية، أو يعاني حقرة من شرطة الهامل، لم يصله مشروع القرن لعمار غول، لم يقرأ تصريحات لويزة حنون، ولم يسمع بخلافات بلخادم وسعيداني، لا يعرف رجلا اسمه أحمد أويحيى ولا برلمانا يرأسه العربي ولد خليفة، لا تعنيه ثروات النفط ولا اكتشافات الغاز الطبيعي أو الصخري رغم أن أنابيبه تمر من تحت خيمته، لا يهمه حضور مهرجانات خليدة تومي ولا يأبه بعواصم ثقافتها العربية والإسلامية والباريسية، لم تتضامن معه سعاد بن جاب الله، ولم يستمع إلى أكاذيب جمال ولد عباس وتبلعيطه، لم تهزه فضيحة الخليفة، ولا يهمه مصير رجل يدعى عاشور عبد الرحمن، لم يشاهد تلفزيون حمراوي، ولا تعنيه برامج من جاؤوا بعده.. وهو أيضا وبلا شك لم يسمع ببطاقة شفاء الطيب لوح، ولا بـ”مترو وترامواي” عمار تو، أو بحدائق دنيا بارك ومدن عمارة بن يونس، كما لا يهمه بتاتا قانون المالية الرئيسي ولا التكميلي، وهو مثل سلال ليس مهتما بعقد مجالس الوزراء، ومثل حمروش لم يعد مهتما بوعود العسكر، ومثل عبد الله جاب الله لا يسمع إلا لنفسه… هذا هو المواطن الذي يعيش فوق المائة عام في بلادنا، يفلت بجلده من كل هؤلاء رافعا شعار “الدنيا هانية” في مقابل.. دنياكم!

مقالات ذات صلة