الجزائر
بخصوص مشاركة الأمن الملكي في حفظ السلام بقطاع غزة

الخوف من استثمار الجزائر للموقف يربك النظام المغربي

محمد مسلم
  • 27759
  • 0
أرشيف

هل ستوافق السلطات المغربية، بعد وقف العدوان الصهيوني الهمجي على الفلسطينيين، على إرسال جنود مغربيين إلى قطاع غزة للقيام بدور الشرطة هناك كجزء من التقارب الكبير الحاصل بين الرباط وتل أبيب؟ سؤال بات مطروحا بقوة من قبل أوساط إعلامية غربية، غير أن هناك عائقا في هذا الطريق، وهو الجزائر.. كيف ذلك؟
هذه الإشكالية تعرض لها الصحافي الإسباني المعروف، والمتخصص في الشؤون المغربية، إغناسيو سامبريرو، في مقال له بصحيفة “إل كونفيدونسيال”، وانطلق الصحفي في تأسيسه لمقاربته تلك، من جملة من المعطيات التي تجعل من النظام المغربي مستعدا للعب هذا الدور، الذي رفضته دول عربية أخرى، مثل الإمارات العربية المتحدة ومملكة الأردن، اللتان ذكرتا كطرف في مشروع أمريكي صهيوني لإنقاذ الحكومة اليمينية الصهيونية المتطرفة بزعامة بنيامين نتنياهو، وفق ما كشفت عنه صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية.
المشروع الأمريكي المتعثر ينطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة للنظام العلوي في حال قرر المضي قدما فيه، بسبب الرفض الشعبي المغربي العارم للجرائم الصهيونية الوحشية التي تستهدف أرواح الفلسطينيين في قطاع غزة المدمر، ومع ذلك لم يتوان النظام المغربي في وضع هذا المبادرة قيد الدراسة، ما قد يفضي في الأخير إلى القبول بها.
غير أن العراقيل التي تواجه النظام العلوي في الرباط مقابل السير في المقترح الأمريكي بتشكيل قوة سلام عربية في قطاع غزة بعد نهاية الحرب، تتمثل في الخوف من حدوث انتفاضة شعبية قد تؤدي إلى سقوط العائلة الملكية، لاسيما وأن الشارع المغربي تحول إلى مهرجان مفتوح على الهواء الطلق، لنشاط الرافضين لحرب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة يوميا، والذين يرفعون شعارا دائما وهو رفض التطبيع مع هذا الكيان الغاصب.
كما أن هناك معطى آخر يحد من اندفاع النظام المغربي في التعاطي مع المشروع الأمريكي المدفوع بالرغبة في إنقاذ رأس بنيامين نتنياهو من الورطة التي علق فيها، وهو كيف سيكون الموقف الجزائري حينها، يتساءل إغناسيو سمبريرو، وهو الأمر الذي يتوجس منه النظام المغربي بشكل كبير.
لكنه سرعان ما يجد مبررا لاندفاع النظام المغربي بتهور نحو الكيان الصهيوني، الذي تحول إلى ثالث أكبر مورد للأسلحة للمغرب بنسبة 11 بالمائة، استنادا إلى الأرقام التي كشف عنها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في تقريره الأخير، كما يتجلى ذلك من خلال سماح الجيش الصهيوني للمغرب بإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة عن طريق البر، عبر معبر كرم أبو سالم.
المحفز الآخر الذي من شأنه أن يدفع النظام المغربي لتجاوز المحاذير الشعبية وحتى الموقف الجزائري الذي سيعمل من دون شك على تغذية الشعور بالمهانة من قبل فئات واسعة من الشعب المغربي، هو رغبة الرباط في التعاطي إيجابيا مع كل ما يأتيها من الإدارة الأمريكية، بغرض تقديم أوراق اعتمادها كشريك قابل للقيام بكل ما يطلب منه في منطقة شمال إفريقيا، في محاولة لكسر السياسة الأمريكية في المنطقة، والتي لا ترى مصلحة في معاداة دولة محورية كالجزائر، بوضع كل البيض في سلة نظام ثيوقراطي قائم على منطق العائلة المهيمنة وليس الدولة المؤسساتية.
يقول سامبريرو في مقاله: “ورغم المخاطر التي ينطوي عليها الأمر، حيث أن الخطة لا تزال في مرحلة الجنين، فإن قبول طلب البيت الأبيض والانضمام إلى عملية حفظ السلام سيكون مفيدا لمصالح المغرب، حسب الرأي السائد في الرباط. ويرون أن ذلك سيعمل على تعزيز العلاقة مع الدولة العظمى ومع الكيان الصهيوني والحصول على دعمها الدبلوماسي والتعاون العسكري في الحرب المنخفضة الحدة التي تخوضها ضد جبهة البوليساريو، والجزائر بشكل غير مباشر”.

مقالات ذات صلة