الرأي

الحومة‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭!‬

قادة بن عمار
  • 5441
  • 10

التشريعيات الماضية وبقدر ما زرعته من شكوك حول إرادة السلطة للتغيير أو السماح بتداول القرار، فإنها نحرت الجميع، بما في ذلك الحزب الذي يعتقد نفسه الأغلبية، حين رفضت القيادة العليا في البلاد تسليمه مقاليد الحكومة، وفضلت الاكتفاء بحكومة تصريف الأعمال التي يتولى‭ ‬فيها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬حقيبتين‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد،‭ ‬وكأنهم‭ ‬نجحوا‭ ‬وبتفوق‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬شؤون‭ ‬وزارة‭ ‬واحدة،‭ ‬حتى‭ ‬يتسلموا‭ ‬الثانية‭ ‬والثالثة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭!‬

لا‭ ‬شيء‭ ‬يقلق‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬بدون‭ ‬حكومة،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬لو‭ ‬سألتهم‭ ‬عن‭ ‬رأيهم‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬الحكومة،‭ ‬لأخبروك‭: ‬اسألنا‭ ‬عن‭ ‬الحومة‭ ‬ولا‭ ‬تسألنا‭ ‬عن‭ ‬الحكومة‭!‬

الجزائريون غير مهتمين إذا ما تسلم منصب الوزير الأول أحمد أويحيى أو عبد العزيز بلخادم، أو حتى إن بقي المنصب شاغرا وفقا لمزاجية الرئيس، ولا يهمهم ما إذا وافقت لويزة حنون على الانضمام للوزارة أو عقد حزب آيت أحمد صفقة سرية مع السلطة، كما أنهم لا يبالون بتحالف الجزائر‭ ‬الخضراء‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬قائما‭ ‬أو‭ ‬تم‭ ‬حلّه‭ ‬وفقا‭ ‬لمصالح‭ ‬خاصة‭ ‬وحسابات‭ ‬متغيرة‭.‬

الجزائريون لا يهتمون بمعارضة التقويميين داخل الأفلان، ولا بأخبار تمرد نورية حفصي، داخل الأرندي، وهم بالتأكيد لا يهمهم غضب كريم طابو من زعيمه الروحي آيت أحمد، كما لم يتأثر أحد باعتزال سعيد سعدي منصب الرئيس في الأرسيدي، فهؤلاء جميعا لا يشكلون مصدر اهتمام للمواطن‭ ‬الجزائري‭ ‬البسيط،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬صمّم‭ ‬البعض‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬بقاء‭ ‬أخبارهم‭ ‬ضمن‭ ‬الأولويات‭ ‬أو‭ ‬الأحداث‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

الجزائر وبعد خمسين عاما من استرجاع نصف الاستقلال، أو ربعه، وانتقال ثقافة المستعمر من أيد أجنبية مباشرة، إلى سماسرة السياسة والفكر والاقتصاد ووكلاء الأجنبي في مراكز القرار، دخلت الخمسينية الثانية وهي بدون حكومة، وواقع الحال يطرح السؤال التالي: لكن، منذ متى كانت‭ ‬هنالك‭ ‬حكومة‭!‬؟

حتى البرلمان المغشوش الذي أفرزته انتخابات العاشر من ماي الأخيرة، لا يمكن بأيّ حال من الأحوال نقده بعيدا عن السياق السياسي العام الذي أنتج ثقافة “الشكارة” وقفز برجال الأعمال ومافيا الحاويات لمناصب الحصانة، كما منح الشرعية لبقاء رموز النظام في مواقعهم بعيدا عن رياح التغيير، وفي ظلّ فساد عجزت الكثير من الأطراف السياسية والأمنية عن اختراق صفوفه الأمامية فما بالك بأعماقه الدفينة، وبالتالي، فلا تظلموا البرلمان ونوابه، طالما أن حال السلطة التنفيذية ليس بأفضل من التشريعية، والأمر ذاته بالنسبة للقضاء الذي ما يزال العاملون‭ ‬فيه‭ ‬يناضلون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬افتكاك‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاستقلالية‭ ‬والحرية‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬الأحكام‭.‬‮ ‬

مقالات ذات صلة