الرأي

“الحركى”.. والاستقلال!!

قادة بن عمار
  • 4751
  • 0

بات وزير المجاهدين الطيب زيتوني، لا يجد حرجا ولا مانعا في تكرار أجوبته عبر كل الخرجات الإعلامية والندوات الصحفية التي يقوم بها هنا وهناك، فالوزير الذي يُسأل دوما عن الأرشيف الوطني المحتجز بفرنسا يرد دائما: “سنسترجعه إن آجلا أو عاجلا”.. وعندما يسأل عن اعتذار فرنسا عن جرائمها وإبادتها للشعب الجزائري خلال مرحلة الاستعمار البشعة، يكون جوابه أيضا: “ستعتذر فرنسا إن آجلا أو عاجلا”.. أما بخصوص كتابة التاريخ، فهو يقول مع بعض الإضافات: “نحن بصدد كتابته حاليا.. وسننهيه إن آجلا أو عاجلا”!!

طبعا إنها نفس سياسة “احييني اليوم واقتلني غدوة” التي تحدّثنا عنها في مقال سابق، وقلنا إنها تحولت إلى فلسفة بالنسبة للحكومات المتعاقبة، لكن بخصوص وزير المجاهدين، فهي تختلف قليلا، إنها سياسة “أقتلني اليوم ولا تحييني أبدا”، طالما أن الطيب زيتوني يدرك تماما في قرارة نفسه مثل مسؤولين آخرين أن فرنسا لن تعيد الأرشيف ولن تعتذر، ففي المسألة الأولى هنالك اتفاق “شبه رسمي” على بقاء الأرشيف بفرنسا، لأن عودته لن تكون في صالح كثير ممّن حكموا هذا البلد طيلة العقود السابقة، ففيه من الفضائح والحقائق ما قد يعري ويكشف، أما بخصوص مسألة الاعتذار فإن باريس لن تتكرم به على دولة لا تمتلك القدرة على الضغط أو التأثير عليها بل لسلطة يتهمها عدد لا يستهان به من رموز المعارضة في الداخل بعدم الشرعية أصلا  !!

السلطة في الجزائر، منشغلة بمعارك الراهن، وبالتالي فهي لا تمتلك وقتا أصلا لمعالجة “ترسبات الماضي”، كما أنه بات من المضحك تماما أن نسمع وزيرا أو مسؤولا يقول إنه علينا مواجهة “تحديات المستقبل”!!

وعليه، فإن وزير المجاهدين، سواء كان الطيب زيتوني أو غيره، يدرك تماما أن مهمته الأصلية، تقنية بالأساس، فهو زيادة على أنه ملزم بوضع أكاليل الزهور في المناسبات الوطنية، والاحتفالات الرسمية، فإنه يقوم أيضا بالإشراف على تدوين شهادات بعض المجاهدين في الولايات التاريخية، وهي وظيفة، بقدر ما يراها البعض مهمة جدا، فإنها لا تتطلب أن يكون هنالك وزارة قائمة بذاتها، لذلك كان من المفهوم والواضح تماما أن مولود حمروش وبمجرد تسلمه رئاسة الحكومة خلال مرحلة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، قام أول ما قام به، بالتخلي عن وزارة المجاهدين أصلا!!

وزراء المجاهدين عندنا لو جمعتهم كلهم في سلة واحدة لن يصنعوا جدلا كمثل الذي صنعه هذا الأسبوع أحد النواب الفرنسيين، حين خاطب وزير الدفاع في حكومة بلاده، والمكلف بالمحاربين القدامى قائلا: “توقفوا عن إهانة هؤلاء الحركى الذين ساعدوا فرنسا، لا تمنحوا الأرشيف للجزائر حتى لا تقوم بفضحهم، وقوموا بمساعدتهم وإعانة عائلاتهم”!!

النائب الفرنسي المسمى “أوليفييه داسو” قال أيضا إن “الحركى لم يغادروا جميعا الجزائر حين خرج الاستعمار الفرنسي، بل بقي الكثير منهم في البلاد، وهم الآن مستمرون في العيش هناك رفقة أبنائهم.. ولا مجال للتفريط فيهم أو فضحهم”!!

تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي رد فيه الطيب زيتوني على سؤال لأحد الصحفيين حول وجود الحركى ضمن قوائم المجاهدين التي يقوم بتسجيلها وتحيينها مؤخرا، بالقول: “لا يوجد حركى في قوائمي”!

فمن نصدّق.. وزيرنا الجزائري أم نائبهم الفرنسي؟!

مقالات ذات صلة