الحاكمون بأمر السينما!

كان واضحا تماما أن وجود الناصري سامح الصريطي سيجعل من موضوع الإخوان المسلمين “لقمة سائغة” للثورة عليها في مهرجان وهران، وهو ما وقع فعلا!

لا ينكر سامح الصريطي أنه يؤيد حمدين صباحي، وللعلم فإن هذا الأخير يواجه تهمة غريبة أمام القضاء حاليا مضمونها “التخابر مع جهات أجنبية للتآمر ضد نظام الحكم والانقلاب عليه”، وهو شيء لم يكن أحد يتمنى وقوعه في مصر ما بعد الثورة، خصوصا أنه لم يحدث حتى في عهد الاستبداد والفساد والظلم الذي مارسه مبارك!

لكن ليس من حق سامح الصريطي ولا وفاء الحكيم، وكلاهما حضرا مهرجان وهران، أن يمنحا للشعب الجزائري نصف الحقيقة فقط، خصوصا أن هذا الشعب أو غالبيته على الأقل، واعون تماما بما يقع في مصر، وبأن الفصيل السياسي الذي يحكمها حاليا، ولا يحبه الصريطي ومعه إلهام شاهين، هو فصيل أكثر تأطيرا من الجميع، ولا ينكر أحد نضاله وتضحياته في مراحل سابقة، أما الأخطر والأهم من الجملة الماضية، أنه فصيل سياسي تم انتخابه شرعيا وبأغلبية حتى ولو كانت ضئيلة، وهو ما ينساه أو يتناساه المعارضون ولا يريدون الاعتراف به؟!

لا يمكن لأحد أن يكون محايدا في المجتمع المصري حاليا، تماما مثل الحالة السورية أيضا، فحالة الاصطفاف السياسي باتت سيدة الموقف، كما أن قوائم العار التي أنكرها البعض، أو حاولوا التقليل من شأنها موجودة، وكثير من الأسماء الفنية المدونة فيها تستحق “التجريم والعقاب”، لكن على السينما أداء دورها التاريخي والكبير، وهي ليست مثل السياسة التي تأخذك لمناطق قذرة في معظم الحالات، بل إنها تخاطب الإنسان بشكل أساسي، لذلك نجح المخرج خالد الحجر في صناعة “موقف سياسي” من خلال رؤيته الإنسانية في فيلم “الشوق” (تم عرضه خلال المسابقة الرسمية للمهرجان).

الحجر الذي لا يتوقف عن التغريد في تويتر ضد نظام مرسي، هو نفسه ابن مدينة السويس التي كانت أكبر المدن الثائرة ضد مبارك بعد القاهرة، وهو رغم ذلك فضل مخاطبة الناس بما يفهمون “دون تعقيد ولا فلسفة زائدة أو حتى تنظير فارغ” وهذا ما يحتاجه المصريون فعلا..