الرأي

الجنرال القاتل!

قادة بن عمار
  • 6776
  • 14

كل الظروف مهيأة في مصر من أجل صناعة فرعون جديد، بدءا من خلق عدو وهمي وتقسيم الشعب إلى فسطاطين أو معسكرين، مرورا بتبييض مسيرة جنرال لم يكن يعرفه أحد قبل تعيينه من طرف رئيسه المعزول محمد مرسي، وانتهاء بالدعوة الصريحة إلى الحرب الأهلية والاقتتال في الشوارع اليوم، حتى يحصل الانقلابيون على تفويض بممارسة السلطة تحت راية قانون الطوارئ، ويخلصهم من مأزق أخلاقي ودولي وقانوني رهيب، وحينها سيقول المصريون جميعا.. وداعا للديمقراطية ومرحبا بالحكم العسكري والدكتاتوري مجددا؟!

وعلى ذكر تقسيم الشعب إلى معسكرين، فإن الخطاب الأخير للجنرال “المنفلت” عبد الفتاح السيسي، حاكم مصر الجديد بعد الانقلاب- وليس طبعا ذلك الأراجوز الذي أتوا به من المحكمة الدستورية- يؤسس لفتنة شعبية سيدفع الجميع ثمنها، ونخشى أنها تعد الضوء الأخضر لممارسة المحظور وارتكاب مزيد من الجرائم والقمع وسفك الدماء تحت مسمى التفويض الذي يوفره الشعب لمحاربة العنف والإرهاب!

الجنرال المنفلت خلف نظارته السوداء، لا يرى عبرها إلا السواد، وهو في كل الحالات، يريد بدعوته إلى نزول الشعب الجمعة، تكرار سيناريوهات من سبقوه من العسكر الذين يمسكون برقبة الديمقراطية لنحرها دون تكبير في الساحات العمومية، ثم ينتظرون تصفيقات الشعب الحارة على هذا الإنجاز العظيم. إنه يريد حكم البلد من فوق دبابة، دون مراعاة لجثث الشعب والعظام الحية، وهو رفقة الإعلام الانقلابي الذي يزيّن له أخطاءه، ويمجّد خطاياه، لم يتوقف يوما عن تصنيف الدم سياسيا، فهذا إخواني إرهابي وهذا متمرد ثوري، ولو كانوا من عائلة واحدة، ويعيشون تحت سقف مشترك، بل يتباهى الجنرال القاتل بالدماء التي لطخت قبعته العسكرية، ولا يتوانى عن وضع نصف الشعب في مواجهة النصف الآخر، باحثا عن تصفية فصيل وطني، كان بالأمس القريب في موقع السلطة يواجه الدولة العميقة ويُتهم صباح مساء بالعنف وأخونة البلد!

ثم أليس هذا هو الإعلام المنافق ذاته الذي خرج بالأمس القريب يندد بتعيين السيسي في مكان المشير طنطاوي، وقيل وقتها إنه من المقربين من الإخوان المسلمين، فزوجته محجبة وهو لا يترك فرضا إلا ويؤديه، فكيف تحول اليوم باسم عسكرة الديمقراطية واغتيال الحريات إلى بطل قومي، يقال فيه ما كان يقوله المنافقون بالأمس القريب في المخلوع مبارك. والأدهى والأمر، بل المضحك المبكي، أن يخرج علينا الإعلام المنافق والانقلابي بصورة طفل يقبّله الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وتنتشر الصورة في مواقع التواصل الاجتماعي على أن الطفل هو عبد الفتاح السيسي لا غيره!

 

مصر تواجه اليوم فرعونها الجديد، ونيرونها الذي يريد حرق القاهرة لإنقاذ رأسه، فالجنرال في عزلته، مثلما هو عنوان الرواية الشهيرة، لن يترك السلطة التي وصل إليها بانقلاب مخزٍ، إلا ويداه ملطختان بالدماء، وفي جيبه مزيد من الجثث، وهو بدعوته الشعب اليوم إلى الاقتتال في الميادين، يبحث عن حكم نصف البلد ولو اقتضى الأمر تصفية النصف الآخر؟!

مقالات ذات صلة