الجزائر
استقبلت الرئيسين الفنزويلي والكوبي وتحضر لزيارة روسيا

الجزائر تعيد تفعيل شبكات علاقاتها بتنشيط محورها التقليدي

محمد مسلم
  • 2745
  • 0
أرشيف

استغلت الجزائر الوضع الجيوسياسي الجديد، الذي أفرزته العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وشرعت في إعادة تفعيل شبكة علاقاتها القديمة مع حلفائها التقليديين، التي تم إهمالها خلال العقدين الأخيرين، من دون إغفال انفتاحها على بقية الدول الأخرى.
وتعتبر الجزائر من الدول التي نشطت مطولا ضمن كتلة عدم الانحياز، كما كانت لها علاقات وثيقة بالمعسكر الشرقي، الذي تراجع حضوره كثيرا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وتحوُّل العالم إلى نظام القطب الواحد، بزعامة المعسكر الغربي.
وخلال الأسبوع المنصرم، استقبلت الجزائر الرئيس الكوبي، ميغيل دياز كانيل برموديز، وحظي الضيف بترحاب مميز مستوحى من زيارات رموز التحرر العالمي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، في صورة كل من الزعيم الكوبي الراحل، فيدال كاسترو، والثائر العابر للجنسيات، تشي غيفارا في بداية الستينيات.
وفي حضور الضيف الكوبي، قال الرئيس تبون إنّ “الجزائر تشعر بواجب تجاه الجمهورية الكوبية الشقيقة”، كما أعلن عن إهداء كوبا محطة لتوليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، واستئناف إمدادها بالمحروقات، من أجل السماح لها بتفعيل محطات الكهرباء، وتأجيل سداد الديون، فضلا عن الاتفاق على صناعة الأدوية والأمصال واللقاحات، وكما تم الاتفاق على اجتماع اللجنة المختلطة بين البلدين، بداية العام المقبل.
واستحضر الرئيس تبون التعاون الجزائري الكوبي الذي يعود إلى مرحلة الثورة والبدايات الأولى للاستقلال وبناء الدولة، والمساعدات المختلفة التي قدمتها هافانا للجزائر من خلال بعثات الأطباء الكوبيين، والخبراء في مختلف المجالات، عندما كانت الجزائر في أمس الحاجة إليها.
وقبل نحو خمسة أشهر، استقبلت الجزائر زعيما آخر من أصدقائها التقليديين، وهو الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، وشهدت هذه الزيارة، اتفاق الرئيس تبون وضيف الجزائر، على عقد اللجنة العليا المشتركة، و”تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والنفط والغاز والتكنولوجيا والتعليم العالي والفلاحة”.
وتتقاسم الجزائر وكاراكاس الموقف ذاته من مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، المتمثل في دعم الشعب الفلسطيني، والتنديد بالجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، ومساندة الشعب الصحراوي من أجل الوصول إلى حقه في تقرير المصير، وسبل حل الأزمة الليبية، من خلال “توفير الضمانات اللازمة لتنظيم انتخابات تسمح بإعادة بناء دولة ليبية سيدة وديمقراطية”.
يحدث هذا في الوقت الذي يحضر فيه الرئيس تبون لزيارة موسكو قبل نهاية السنة الجارية، وفق ما رشح من تصريحات مسؤولين من البلدين، ومن بينهم وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة.
وتعتبر روسيا الوريثة الشرعية للاتحاد السوفياتي، ولها علاقات وثيقة على مختلف الأصعدة مع الجزائر، كما أن لموسكو علاقات أكثر من وثيقة مع كل من كوبا وفنزويلا، وهو ما يجعل لهذه الزيارات أبعادا جيوسياسية، ولاسيما في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة، والتي باتت تبشر بجد، بإرهاصات ميلاد نظام دولي متعدد الأقطاب.
ووفق التصريحات التي صدرت عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فإن “كلاً من الجزائر وموسكو باتتا مقتنعتين، أنه يتعين التوقيع على اتفاق تعاون استراتيجي”، يتوقع أنه سيرى النور خلال زيارة الرئيس تبون إلى روسيا في الأسابيع القليلة المقبلة.
أما العملاق الآخر من أصدقاء الجزائر التقليديين، ممثلا في الصين فقد حافظت الجزائر على علاقاتها الوثيقة معه بدون انقطاع، وإن طغى عليها البعد الاقتصادي من خلال الاستثمارات الصينية التي شملت كل القطاعات تقريبا، إلا أن الأبعاد الأخرى تبقى حاضرة، لأن قاطرة الاقتصاد تجر غيرها، وتجعل المصالح الثنائية حيوية.

مقالات ذات صلة