الجزائر
مسيرات مليونية عبر كل الولايات ضد العهدة الخامسة

الجزائريون بصوت واحد: “لا”!

مراسلون / و. س / سفيان.ع / نوارة باشوش
  • 6671
  • 0
الشروق

وسط أجواء امتزجت فيها الدموع والزغاريد… وديكور صنعته الأعلام الوطنية و”الحايك” الجزائري الأصيل، خرج الملايين من الجزائريين إلى الشارع في ثالث جمعة على التوالي، يوم تصادف مع العيد العالمي للمرأة، وبدا أن الجزائريين، شيابا وشبابا، قد تحرروا من كل القيود، صانعين مشاهد استثنائية، تعود بالذاكرة إلى أيام الاستقلال، حيث تميزت جمعة الثامن مارس بمشاركة قوية لأيقونات الثورة التحريرية على غرار زهرة ظريف بيطاط، جميلة بوحيرد والمجاهدة أيغيل أحريز وغيرهن ممن التحقن بالحراك الشعبي للتعبير عن رفضهن للعهدة الخامسة.

على غرار الجمعتين الماضيتين، لم يخلف الجزائريون أمس الموعد وخرجوا بمئات الآلاف في مسيرات سلمية، تعبيرا عن الغضب الحارق الذي يعتمر صدورهم من العهدة الخامسة، ولكن بطريقة احتفالية نادرة، تم فيها توزيع الورود والحلويات على النساء بمناسبة عيدهم العالمي.

قوة لا يمكن مقاومتها.. والشرطة تنسحب

في محيط ساحة البريد المركزي، بدأت في ساعة مبكرة، تتعالى أصوات وزغاريد النسوة، فيما بدت الحركة لافتة إذ ترى في وجوه المارة، علامات الإصرار والقلق التي تسبق حدثا يبدو في أعينهم مصيريا، فيما كان الشباب ينزوون هنا وهناك في أركان وأزقة الأحياء يحضرون  شعارات المسيرة.

وقبل صلاة الجمعة، وصلت التعزيزات الأمنية إلى أوجها، أصحاب القبعات الزرقاء ملتزمون أماكنهم، وباقي عناصر الشرطة بالزي المدني يرقبون بدقة كل صغيرة وكبيرة، وآذانهم معلقة إلى هواتفهم للتواصل مع مسؤوليهم، علامات القلق بادية على عناصر الشرطة، خاصة الضباط الذين يشرفون على تأمين المسيرة، إلا أن الوضع استمر لأقل من الساعة، ليتدفق المتظاهرون إلى الساحة لكنهم وجدوا أمامهم  أصحاب القبعات الزرقاء الذين طوقوا المنطقة ما أجبر عناصر الشرطة وقوات مكافحة الشغب على الانسحاب بشرف، بعد أن ضغطت عليهم الجموع التي بدأت تحتشد لتشكل قوة لا يمكن مقاومتها.

أيقونات الثورة ونساء الجزائر يحتفلن بعيدهن في الشارع..

اليوم العالمي للمرأة أعطى رمزية لمسيرات أمس، حيث تميزت الجمعة الثالثة بمشاركة قوية للنساء اللائي قررن الخروج وإسماع أصواتهن، وليكون لهن موقف سيبقى خالدا، على غرار موقف أمهاتهن وجداتهن إبان الثورة التحريرية، حيث فضل المئات منهن ارتداء “الحايك” الجزائري، لتمتزج دموعهن بالزغاريد.. حاملات للأعلام الوطنية ورددن النشيد الوطني “قسما”، في صور تهتز لها القلوب… والأمر الذي استقطب المتظاهرين هو المشاركة القوية لأيقونات الثورة التحريرية على غرار زهرة ظريف بيطاط، بالإضافة إلى “جميلة بوحيرد” و”أيغيل أحريز” وغيرهن ممن التحقن.

“زيتنا في دقيقنا”.. لا تتدخلوا في شؤوننا

صور، ساحات أول ماي، أودان، البريد المركزي، حسيبة بن بوعلي وعميروش المتوحدة كانت أسطورية بكل تلك الجموع الغفيرة، والتي سجلت زغاريد كانت تطلق من شرفات العمارات التي توشحت الرايات الوطنية، وأكثر ما زاد، إن صح التعبير ذلك الديكور، هو التحاف الشباب من مختلف الأعمار وكهول وعجائز وأطفال ونساء بعلم النجمة والهلال، في صورة تعطي الانطباع بأن الجزائر ولدت اليوم ونفضت عن نفسها ذلك الصراع بين جيل الثورة وأجيال الاستقلال، فالكل في هذه اللحظة متوحد على مطلب واحد وهو”الشرعية الشعبية”، ليرددوا جميعا الشعارات المعهودة مثل “لا للعهدة الخامسة”، “الشعب يريد تغيير النظام” “الجزائر ليست سوريا يا أويحيى”، كانت تقطعها من حين لآخر الشعارات التي اصطبغ بها هذا الحراك، وأبرزها “مكاش الخامسة يا بوتفليقة”، “جزائر حرة ديمقراطية”، “كليتو لبلاد يا سراقين”.

وعرفت مسيرة ثالث جمعة، شعارات جديدة على غرار “لا للتدخل الأجنبي”، “ماعندك ما دخلك يا ماكرون وترامب”، “زيتنا في دقيقنا .. ونفروها بينتنا”، وغيرها من الشعارات التي رددها المتظاهرون الذين لم يتوقفوا سواء خلال المسيرة أم حتى عند توقفهم عند السدود الأمنية، بل وحتى شعارات ذات طابع اجتماعي كانت حاضرة مثل “الحراڤة ربي يرحمهم”، و”مسؤولو عدل كذابين”، فيما فضل العديد من المواطنين أخذ صور تذكارية مع شخصيات وطنية وفنانين وأحزاب سياسية، على غرار تلك المشاهد التي سجلتها “الشروق”، في شارع تافوره، حيث خطف عبد الله جاب الله ولخضر خلاف الأنظار، عندما قام العشرات من الشباب بأخذ صور تذكارية مع هؤلاء، وبالمقابل قام المتظاهرون بطرد علي غديري من شارع ديدوش مراد، مرددين عبارة “ديقاج ..ديقاج”، لينسحب مع مرافقيه.

مظاهر التلاحم تصنع الاستثناء

أثبت الشعب الجزائري الذي توافد الجمعة بالآلاف إلى عاصمة البلاد، أنه سلمي ومحب لوطنه ومدى وعيه الكبير وتشبثه بوطنه، حيث ظهر الجزائريون بمختلف أعمارهم شبابا، كهولا، شيوخا، أطفالا ونساء مسالمين، دون تخريب أو تكسير للممتلكات العمومية أو الخواص، وحتى الأحياء والشوارع التي عبرتها المسيرة بدت نظيفة وحتى الشعارات لم تحمل أي نوع من العنف أو التفوه بالكلام البذيء، بل إن العديد من الشباب قاموا منذ الساعات الأولى بتنظيم حركة المرور، وفسح المجال لسيارات الإسعاف والحماية المدنية، فيما فضل البعض توزيع الحلويات والورود وقارورات الماء على أفراد الشرطة، خاصة قوات مكافحة الشغب، مظاهر تجعلك تذرف الدموع وتنحني أمام هؤلاء.. ولكن هذا هو الشعب الجزائري الذي أثبت للعالم كله، أنه شعب قوي، متحضر وواع.

https://www.facebook.com/Echorouk/videos/394501898005842/

الحراك الشعبي “يلفظ” معارضين
المحتجّون يواجهون حنون وغديري بـهتافات “ارحل”!

عارض ملايين الجزائريين الناقمين على الواضع الحالي والرافضين لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة، قطف “الثمار” من طرف بعض رموز المعارضة، الذين التحقوا بركب الشعب مؤخرا، بعد عدة سنوات من الاغتراف من “قصعة” السلطة.

بقدر الغضب الذي أبانه الجزائريون من السلطة التي تحكم منذ 20 سنة، بقدر الغضب من بعض أطياف المعارضة أو ما تسمي نفسها بالمعارضة، والتي لا تعدو أن تكون سوى “ديكور لواجهة ديموقراطية صورية”، وهو ما تجلى في رد الفعل الذي ظهر، في المسيرة الحاشدة التي شهدتها العاصمة، أمس، فقد واجه المرشح للرئاسيات اللواء علي غديري لحظات عصيبة وهو يستمع لهتافات مناوئة تطالبه بالمغادرة، وتكرار الكلمة الخالدة “dégage”.

وكما واجه غديري لحظات عصيبة، نالت لويزة حنون حقها من الهتاف المناوئ، حيث حاصرها العشرات وخاطبوها “ارحلي…ارحلي”.

الوجهان الآخران لما يسمى بالمعارضة التي حاولت ركوب الموجة، وقوبل حضورهما بكثير من الاستهجان، رئيس عهد 54 علي فوزي رباعين، ورئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي.

وتعكس هذه المواقف العفوية للمتظاهرين، من أطياف المعارضة، تأكيدا على رفض المحتجين أي محاولة لبعض الأطراف الظهور بمظهر “البطل”، والتأكيد على أن الحراك الذي بدأ عفويا وسلميا يوم 22 فيفري الماضي، هو حراك شعبي ويجب أن يبقى شعبيا، غير مقبول أن يتم صبغه بلون سياسي معين.

مسيرة الجمعة تفرض حالة استنفار في المحاكم

شهدت، الجمعة، محاكم العاصمة حالة استثنائية، بسبب المسيرة الحاسمة التي كانت المرأة العنصر السباق لها قبل صلاة الجمعة، حيث أدت حالة الاستنفار القصوى لمواجهة هذا الظرف إلى استدعاء موظفين خاصة وكلاء الجمهورية وكتاب الضبط للعمل في عطلة الأسبوع، مع العلم أن المحاكم متعودة على استقبال تقديم المتهمين من طرف مصالح الأمن، ولكن ليس مثل باقي أيام الأسبوع.

وأكد موظفون في محكمة حسين داي، لـ”الشروق”، أن استدعاءهم للعمل يوم الجمعة هو حالة استثنائية، بالنظر إلى أن اليوم عطلة أسبوعية للكثير منهم، وقال أحدهم، إن حضور وكيل الجمهورية، ضروري في أي إجراء تقوم به مصالح الدرك والشرطة.

“عبيد السلطة”.. عرض مسرحي يسبق المسيرة
البواخر تحيي المتظاهرين بصافراتها في بجاية
متظاهرون: “اليوم فقط صرنا أفضل من السويد!”

خرج، الجمعة، مئات الآلاف من المواطنين نساء ورجالا، صغارا وشيوخا، في مسيرة سلمية حاشدة اكتظت بها شوارع مدينة بجاية عن آخرها، الرئيسية منها والثانوية، رافضة للعهدة الخامسة ولاستمرار النظام، حيث تحولت مليونية بجاية إلى عرس حقيقي في “جمعة الحرية”، تعالت فيها الزغاريد التي امتزجت مع نغمات فرق إطبالن التي شاركت في المسيرة الحاشدة التي لم تسع شوارع المدينة المشاركين فيها والتي تم تنظيمها وسط ديكور أخوي وحضري لا مثيل له، ومن بين ما رددته الحناجر، أناشيد وطنية، منها “موطني” و”من أجلك عشنا يا وطني” وحتى شعار الجيش “وطني وطني غالي الثمن”. حيث امتزجت الأهازيج بالدموع في “جمعة الشهداء” وذلك بعدما فضل مواطنون آخرون رفع صور شهداء الثورة التحريرية.

وحتى البواخر تجاوبت مع هذا العرس الوطني بصافراتها، وقد تم تقديم قبل انطلاق المسيرة، عرض مسرحي بعنوان “عبيد السلطة” يحاكي واقع النظام الحالي، كما تم تنظيم العشرات من المسيرات بمختلف بلديات الولاية تزامنا وعيد المرأة جلها كانت رافضة للعهدة الخامسة ومطالبة برحيل النظام مثلما كان الحال بأقبو وتيشي وأوقاس وغيرها.

وقد سار جميع المتظاهرين جنبا إلى جنب في عيد المرأة، وبرداء السلمية والوعي يتوشّحون مقدمين بذلك دروسا ورسائل في الوطنية حاملة لرسائل سياسية بحتة وبشكل أو بآخر الأحداث بصبغتها السياسية تتسارع والمطالبة ثابتة ولا شيء يعلو فوق رسالة الشهداء وصوت الشعب، حيث أشار أحد الشباب المشاركين في هذه الجمعة المباركة أنه “من 62 إلى غاية اليوم والجزائر لم تستقل، فحان الوقت لافتكاك حريتنا”، قبل أن يضيف “اليوم حقا عيد للاستقلال”. قبل أن يذرف الكثير منهم الدموع التي ليست إلا دموع غيرة على وطن تركه الشهداء أمانة ومثلها من رسائل الشهامة كانت كثيرة وحاضرة في جمعة الكرامة، جلها تنتظر بشغف كبير من يحسن قراءتها والإصغاء إليها في أعلى هرم السلطة.

أكد العديد من المشاركين في مليونية بجاية أنه “الآن فقط أحسسنا أننا فعلا أفضل من فرنسا والسويد وجل البلدان المتطورة التي كان المسؤولون يقارنونا بها”- مضيفا- “فنحن اليوم أثبتنا بسلمية حراكنا أننا من أكبر الشعوب تحضرا في العالم  بعدما أذهل وأدهش الحراك الشعبي العالم بأكمله، هذا الأخير الذي أضحى اليوم يتساءل من يكون هذا الشعب الفريد من نوعه وماذا يريد؟”.

ولم يختلف المشهد كثيرا في تيزي وزو، أين عجز المتابعون عن وضع تعداد تقريبي للمشاركين في مسيرة عاصمة الولاية، التي عرفت خروج سكان المنطقة من جميع الفئات والأعمار ، صغارا، كبارا شيوخا رجالا ونساء، حاملين الأعلام الوطنية ولسان حالهم يردد عديد الشعارات الرافضة لـ”الخامسة”، ومن بينها: “الجزائر ليست سوريا”، “الجزائر جمهورية وليست مملكة”. حراك تيزي وزو الذي خلا من أي قبعة سياسية أو حزبية، أخذ شكل مسيرة سلمية انطلقت من جامعة مولود معمري، مرورا بمختلف أرجاء المدينة وصولا إلى ساحة الزيتونة، أين شهدت تنظيما محكما فاق كل التصورات.

نساء  يوزعن “البغرير” خلال المسيرات
مؤطرون يفصلون بين الشرطة والمتظاهرين
شيوخ وعجائز وأطفال في مسيرات سلمية حاشدة

خرج، الجمعة، آلاف المواطنين بالبليدة  في مسيرات سلمية حاشدة، لمطالبة الرئيس بوتفليقة بعدم التقدم إلى الانتخابات، عقب صلاة الجمعة بعاصمة الولاية، وسط حضور لافت للعنصر النسوي، وكذا للتنظيمات الجمعوية. وكانت الانطلاقة من ساحة باب السبت، وصولا إلى ساحة أول نوفمبر، عبر طريق محطة القطار. كما شارك مئات المواطنين في مظاهرات سلمية، عبر بلديات العفرون وموزاية غربا ومفتاح شرق الولاية، التي عرفت شل حركة القطارات.

كما ترك الآلاف من سكان البويرة نهار الجمعة، منازلهم وارتباطاتهم وخرجوا جميعا رجالا ونساء بعد صلاة الجمعة، في مسيرة سلمية عبر شوارع عاصمة الولاية وبلديات أخرى لتجديد إصرارهم على رفض ترشح العهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة المنتهية ولايته، حيث شاركت النسوة في عيدهن عبر مسيرة تقدمتها المحاميات ووزعن البغرير الذي أعددنه صباحا بالشارع، بالموازاة مع مسيرات ضخمة، بالأخضرية ومشدالة والهاشمية.

وقد جسد المتظاهرون صورا عبر حراكهم للتلاحم والسلمية لاسيما مع وصولهم أمام مقر الأمن الولائي، حيث وقف بعض الشباب حاجزا أمام رجال الأمن للحؤول دون وقوع احتكاكات.

وفي أكبر وأضخم حركة احتجاجية منذ بداية الحراك الشعبي ضد العهدة الخامسة، خرج للجمعة الثالثة الآلاف من المواطنين بالمسيلة، في مسيرة سلمية ضمت عشرات الآلاف، وشهدت حضورا نسويا لافتا، لم يتخلفن عن الموعد، قمن بتوزيع الورود والحلوى على رجال الشرطة المتواجدين أمام مداخل المؤسسات والهيئات الإدارية فقط، دون أي مرافقة للمحتجين.

ولم يتأخر الكثيرون هذه المرة عبر العديد من الدوائر والبلديات، حيث خرجوا بالمئات في كل من بوسعادة، سيدي عيسى، مقرة، برهوم وحتى في البلديات البعيدة والنائية كان المواطنون في الموعد.

ورفضا للعهدة الخامسة، خرجت أمس، أمواج بشرية في مسيرات حاشدة بمدن ولاية تيبازة. ففي عاصمة الولاية نزل الآلاف إلى الشارع، ولم تختلف صورة الاحتجاجات في جميع المدن من شرقها إلى غربها، من حيث كثافة المشاركة أو سلمية المسيرات، وكانت أضخم المسيرات بالمدن الكبيرة على غرار بواسماعيل، القليعة، حجوط، شرشال وعاصمة الولاية. وتميزت المظاهرات في ولاية المدية، بحضور مميز لكبار السن، الذين رافقوا أبناءهم إلى الشوارع والساحات، حاملين الأعلام الوطنية، فضلا عن مشاركة نسوية معتبرة، تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، كما كانت فئة المحامين حاضرة بزيها وسط الآلاف الذي نزلوا للتظاهر.

تسبيح وتهليل في مسيرة أدرار
“عرب.. ميزاب.. خاوة خاوة”.. تدوي في غرداية

تقدمت حرائر بسكرة الجمعة، الصفوف الأولى في المظاهرات الحاشدة، التي شهدتها عديد البلديات وعلى رأسها عاصمة الولاية بسكرة، التي شهدت مسيرة كبيرة، رفضا للعهدة الخامسة وأيضا لكل أشكال التدخل الخارجي. والمميز في مسيرات الأمس، هو توسع دائرة الحراك الشعبي السلمي على مستوى الولاية ليشمل حتى بعض البلديات التي توصف بالبعيدة، كسيدي خالد وبلدية ليوة.

وخرج المئات من شباب وسكان عاصمة ولاية غرداية، في مسيرة حاشدة جابت الشوارع الرئيسية. وكسرت مسيرات الأمس، حاجز قرار منع المسيرات والتجمعات، الذي اتخذ على خلفية الأحداث المؤسفة التي عرفتها الولاية قبل سنوات، وهي الأحداث والحساسيات التي أكد المشاركون في المسيرة أنها باتت من الماضي، حيث رد الشباب الغرداوي برسالة قوية ضد المحرضين بعبارات،  وهتافات التآخي والعيش في كنف السلم والأمن، وتعالت شعارات “كلنا جزائريون” ، “عرب .. ميزاب .. خاوة خاوة”، على وقع إلياذة الجزائر، والنشيد الوطني. وسجلت النساء حضورهن الرمزي، حاملات علم البلاد.

وفي توات، ميزت السلمية مسيرة مدينة أدرار، التي صدحت فيها الحناجر، بشعارات “لا للخامسة”، إلى جانب التسبيح والتهليل، إذ علت الأصوات بعبارات “الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد”، وهو ما أراد منه المتظاهرون، جعل “جمعة الكرامة” عيدا للحرية والانعتاق.

ناشطو الحراك يخاطبون الأحزاب
“لا تركبوا الموجة.. عودوا إلى صالوناتكم!”

شهدت ولاية بشار مسيرة سلمية، للتأكيد على مطلب رفض العهدة الخامسة. وانطلقت مسيرة حاشدة من ساحة الجمهورية بوسط المدينة جاب من خلالها المتظاهرون أزقة وشوارع المدينة، مرددين شعارات مناوئة لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة الخامسة.

وعلى عكس مسيرة الجمعتين الفارطتين، عرفت “جمعة الكرامة”، حضورا قويا للمواطنين، من مختلف بلديات الولاية من كل الأعمار والشرائح. كما سجل العنصر النسوي حضوره في المسيرة، بعدما فضلت النساء، الاحتفال بيومهن  العالمي في ساحات المظاهرات.

وقال مشاركون في المسيرات، في تصريحات جمعتها “الشروق”، إن الحراك شعبي، ولا دور للأحزاب فيه، “لا نقبل ركوبكم موجة الحراك، عودوا إلى قاعات الاجتماعات والصالونات” على حد قول أحد الناشطين.

وأهم ما ميز مسيرة عاصمة الساورة، هي تقسيمها لثلاثة أفواج، واحدة منها تضم فقط النساء وتؤطرها النساء، كدليل على التنظيم المحكم للمسيرة الشعبية، وعن الوعي الذي وصل إليه الشعب الجزائري.

كما بحّت حناجر الجماهير الغفيرة التي خرجت في مسيرات سلمية في المدن الكُبرى بولايات الجنوب الشرقي على غرار باقي مدن الجزائر، الرافضة للعهدة الخامسة للرئيس المنتهية ولايته، والمطالبة بتغيير النظام السياسي بشكل سلمي وسلس.

ففي الطاسيلي، خرج عصر أمس الجمعة، العشرات من المواطنين بمدينة جانت بولاية ايليزي، في مسيرة، عبروا فيها عن رفضهم للعهدة الخامسة، حيث انطلقت المسيرة التي نظمت بوسط المدينة، من قاعة الطاسيلي، نحو السوق القديم للمدينة، أين رفع المحتجون الراية الوطنية، والعديد من اللافتات، للتعبير عن رفضهم للعهدة الخامسة. وبمدينة ايليزي عاصمة الولاية، انطلقت مسيرة هي الأكبر في الولاية، حيث حملت شعارات مضادة للعهدة الخامسة، أين جابت الطرقات الرئيسية للمدينة في الجمعة الثالثة منذ بداية الحراك السلمي.

وفي المقاطعة الإدارية عين صالح بولاية تمنراست، خرج المئات من السكان للجمعة الثالثة على التوالي، في مسيرة سلمية ضد العهدة الخامسة، وعرفت المسيرة مشاركة موسعة لكل أطياف المجتمع، وانطلقت من أمام ساحة الصمود، بترديد النشيد الوطني، ثم جابت الشارع الرئيسي للمدينة ورفع المحتجون الأعلام الوطنية ولافتات، ضد العهدة الخامسة، كما رددوا الأغاني والشعارات الوطنية، وسط مرافقة أمنية كبيرة، وجدد المشاركون في  المسيرة السليمة عزمهم على مواصلة التظاهر السلمي إلى غاية تحقيق مطالبهم.

سوف وريغ.. حين يلتقي الواديان

وانطلقت مسيرة هي الأضخم على الإطلاق بولاية الوادي، منذ بداية الحراك، من ساحة الشباب بشارع محمد خميستى وسط المدينة، بعد صلاة الجمعة مباشرة، أين مشت الجماهير الغاضبة في مسيرة سلمية، إلى غاية ساحة الشهداء بمفترق الطرق الكبير، ثم انتقلت إلى مقر الولاية، ثم توجهت السيول البشرية إلى ساحة الشهيد حمة لخضر بالوادي.

وردد المتظاهرون، شعارات وأهازيج، للتعبير عن رفض العهدة الخامسة للرئيس المنتهية ولايته، ورفض جميع الوجوه السياسية التي ظهرت على الساحة منذ بداية حكم الرئيس بوتفليقة، واللافت في مسيرة هذه الجمعة خروج عدد قليل من النسوة، للتظاهر ضد العهدة الخامسة، حيث تجمعن بمفردهن على هامش المسيرة دون أن يختلطن بالمتظاهرين، غير أنهن حملن نفس الشعارات ونفس المطالب المنددة بالاستمرارية.

 وعلى غرار وادي سوف، خرج المئات بوادي ريغ، في مسيرات بالمقاطعة الإدارية للمغير، كانت المشاركة بها أهم مما كانت عليه الأسبوع الماضي. فبعد صلاة الجمعة، جابت المسيرة السلمية، الشوارع الرئيسية بالمدينة، وشارك فيها الكبار والصغار والشيوخ، للتعبير عن رفض العهدة الخامسة والمطالبة بالتغيير لإتمام رسالة الشهداء وفق بيان أول نوفمبر المجيد، حيث رفع المحتجون عبارات منددة بالعهدة الخامسة وعبارات للتأكيد على أن الجزائر ستبقى حرة وديمقراطية، وأن السلطة للشعب والشعب هما اللذان يقرران بإرادتهما.

متظاهرون يصرخون: “لا خامسة.. ولا خمس الخامسة!”
نساء يهدين ورودا وحلويات إلى رجال الشرطة
“لا تفجعونا في أكبادنا.. كونوا لنا لا علينا من أجل هذا الوطن”

شهدت مدينة وهران أمس، حراكا غير مسبوق في تاريخها، حتى خيل لمن شهده أن “الباهية” قد نزلت عن بكرة أبيها إلى الشوارع، واكتسحت النساء ساحاتها وشوارعها في إطار “جمعة الكرامة”، التي تزامنت مع اليوم العالمي للمرأة. وسارت سيدات وهن يحملن أطفالهن بين أيديهن، ومنهن من كانت تدفع بيدها عربة حوت رضيعها، وانتظمت سيدات وهران ورجالها، في موكبين هائلين، جابا الشوارع الرئيسية، كشارع بن مهيدي، جبهة البحر، وساحة السلاح.

وكانت النساء من مختلف الأعمار والفئات يطلقن الزغاريد، التي كانت تدوي وتمتزج مع إيقاعات الطبول صانعة أجواء حماسية عصية على الوصف. ووزعت النساء الورود والحلويات، على رجال الشرطة الذين كلفوا بمواكبة المسيرات، وخاطبت إحداهن رجل أمن بكلمات مؤثرة: “الجزائر تستجير بكم، لا تفجعونا في أكبادنا، كونوا لنا لا علينا من أجل هذا الوطن”. ولم تخل المسيرات من مشاهد طريفة، فقد ابتكر أزواج محافظون حلا وسطا، بين حرمان الزوجات من المشاركة في هذا الحدث التاريخي، وبين السماح لهن بالاختلاط بالرجال والسير إلى جانبهم، فكان أن أمسكوا العصا من وسطها، فحملوا زوجاتهم على متن السيارات، وواكبوا المسيرة بتلك الطريقة. وظهر شعار جديد على ألسنة المتظاهرين، وهو “لا خامسة.. ولا خمس الخامسة!”، وهو تعبير عن رفض شغل بوتفليقة منصب الرئيس سنة إضافية.

وشهدت، أمس، مدينة مستغانم، أضخم مسيرة سلمية منذ انطلاق الحراك الشعبي، المناهض لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لعهدة خامسة، حيث شارك في المسيرة، عشرات الآلاف من المتظاهرين من مختلف الأعمار، ومن الجنسين حيث كانت الفرصة المناسبة للجنس اللطيف للالتحاق بركب المظاهرات الشعبية في سياق الاحتفال باليوم العالمي للمرأة.

وشهدت المسيرة السلمية أمواجا بشرية، لم يسبق أن شهدتها المدينة من قبل حيث توشح المتظاهرون بالراية الوطنية، رافعين شعارات تندد بعدم استجابة السلطة لمطالب الشعب، حيث ردد المتظاهرون شعارات من بينها “الجزائر ليست سوريا”.

وجاب المتظاهرون الشوارع الرئيسية وسط تدابير تنظيمية محكمة، قام خلالها متطوعون بتوزيع قارورات الماء على المحتجين. كما شارك بالمسيرة عشرات الفنانين والممثلين ووجوه من الوسط الفني والثقافي وأستاذة من الجامعة وناشطون في المجتمع المدني والحركة الجمعوية.

وتوسعت، أمس، رقعة المسيرات السليمة المنظمة، من طرف شباب ولاية البيض إلى عدد من البلديات، بعدما اقتصرت الأسبوع الفارط على بلديات البيض،  الأبيض سيد الشيخ وبريزينة.

وجاب الشباب المناهض للعهدة الخامسة، الشوارع الرئيسية بعاصمة الولاية،  مرددين شعارات كلها ترفض العهدة الخامسة، وترفض كل الجهات التي ترمز لها، مشددين على رفض محاولات ركوب الموجة أو سرقة مجهود الشباب، في إشارة واضحة لبعض ممثلي الأحزاب الذين حضروا كأفراد للمسيرة، ومشددين على رفض أي شعار أو عنوان لبعض الأحزاب أو الجمعيات التي التحقت بالمسيرة.

من جهتهن، خرجت أعداد من النساء، في مسيرة عاصمة الولاية، وسط تعزيزات أمنية، في حين لم تخرج المسيرة عن طابعها السلمي. وبولاية سعيدة، خرج آلاف المواطنين، رجالا ونساء، وشاركت في المسيرات نقابات من قطاعات مختلفة، وأعيان.

متظاهرون  يحملون صور مصالي الحاج في مسيرة تلمسان
“قلنا كلمتنا.. والتاريخ لن يرحمكم”

عادت عجلة المسيرات للدوران بأقصى سرعتها على مستوى ولاية تلمسان، وكبرى بلدياتها، بعد أن خرج الشعب بمختلف أطيافه، وصدحت حناجر الآلاف منددة بقرار رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بالترشح لعهدة خامسة.

مسيرة، أمس، تزامنت مع احتفاليات الثامن من مارس، عيد المرأة، لتكون فرصة للجنس اللطيف بتلمسان، من أجل أن تترك بصمتها من خلال مشاركتها وبقوة في المسيرة، وتراوح الحضور بين الشابات والعجائز اللائي كنّ حاضرات وبقوة رغم تقدمهن في العمر، حيث أبين إلاّ أن يخرجن هن الأخريات إلى الشارع. مسيرة تلمسان عرفت حضور عدّة أوجه حزبية، لممثلين عن أحزاب المعارضة، كما عرفت توجيه رسائل سياسية قوية، حيث كان الفوج الأول الذي تقدّم الجموع يحمل بين أيدي شبّانه لافتة قوية تحمل صورة أب الحركة الوطنية وعبارة شديدة القوة تقول “نحن قادمون.. التاريخ لن يرحمكم”.

كما حمل آخرون لافتة باللغة الفرنسية، تحمل رسالة لفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، تقول “غسيلنا نغسله فيما بيننا”. وإذا كان عدد النازلين إلى الشارع يناهز 20 ألفا بعاصمة الولاية، فإن بلدية مغنية، شهدت من جانبها الخروج بالآلاف إلى الشارع، تماما كما هو الحال بالنسبة للغزوات الساحلية، وسبدو جنوب الولاية.

وعرفت مسيرة الجمعة الثالثة بسيد بلعباس، مشاركة الآلاف من المواطنين من مخلف الأعمار وعائلات قررت الخروج بجميع أفرادها، كما كان العنصر النسوي حاضرا بقوة، واختارت الحشود المتوافدة من مختلف أحياء المدينة، ساحة أول نوفمبر كنقطة تجمع، حيث كانت محطة انطلاق المسيرة التي رفع المشاركون فيها شعارات مناهضة للعهدة الخامسة، وأخرى مطالبة بإسقاط النظام.

وقد جاب المتظاهرون جميع الشوارع الكبرى للمدينة دون التأثير على حركة سير السيارات ولا نشاط المحلات التجارية، وسط تأطير أمني محكم.

شاركت، أمس، ولاية تيارت في الحراك الشعبي المناهض للعهدة الخامسة بكثافة غير مسبوقة من حيث حضور النساء وعدد المشاركين وبمسيرات متعددة انطلقت من عدة جهات وجابت شوارع عاصمة الولاية، حيث أصبح المشهد الواحد يضم مسيرة صاعدة وأخرى نازلة، فيما لم تختلف الشعارات التي تطالب بعدم تقدم الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة وكذا إبعاد بعض الأسماء.

وكانت المسيرات المتعددة قد انطلقت من ملعب قايد أحمد ومن ساحة 17 أكتوبر ومن ساحة الريجينا فيما جالت بعضها وسط المدينة إلى غاية ما وراء ساحة الشهداء مرورا بعين الجنان اتجهت أخرى نحو الولاية عبر مستشفى العيون حيث لفت السائرون الانتباه إلى الصمت الذي طبقوه احتراما للمرضى. ومقارنة بالمسيرتين السابقتين فإن مسيرة الثامن مارس كانت هي الأضخم والأكثر دقة في المطالب وفي توسعها حيث بات مطلب تأجيل الانتخابات ظاهرا.

وتصدرت بولاية الشلف النساء والعجائز والطالبات الجمعيات المشهد في قيادة المسيرة السلمية التي تم تنظيمها مباشرة بعد صلاة الجمعة عبر شوارع المدينة، حيث عرف الحراك مشاركة الأطباء والمحامين ونقابات الصحة والتعليم، وطلبة جامعة حسيبة بن بوعلي ومختلف المناضلين بأحزاب المعارضة، والمشطوبين والمتقاعدين بالجيش الوطني الشعبي، وردد المتظاهرون، وعددهم بالآلاف، هتافات معادية للعهدة الخامسة، خلال المسيرة التي عرفت تنظيما محكما.

مقالات ذات صلة