الرأي

التنمية والاستقرار والاستمرار

عمار يزلي
  • 345
  • 0

مع اقتراب استدعاء الهيئة الناخبة، بعد نحو ثلاثة أسابيع من الآن، الرهان كل الرهان منصبٌّ حاليا على إنجاح المسار الديمقراطي والانتخابي في الجزائر، بعد الأزمة التي عشناها قبل نحو أربع سنوات وما تبعها من محاولات عرقلة العودة إلى المسار الدستوري وكل المخرجات التي خرجت من تحت عباءة الحراك من معارضة وموالاة.

هناك إجماع عامّ اليوم على مستوى البيئة السياسية، على أن الجزائر قد نجحت في الخروج من عنق الزجاجة، وأن محاولة خنق البلاد سياسيا واقتصاديا وأمنيا، قد فشلت، وأن الرهان على غير حصان الخيار الدستوري كان خيارا غير صائب، بل كان خيارا مغامرا، كان يراد منه إبقاء البلاد في وضع التابع، الواقع تحت ضغوط بعض القوى والدوائر الداخلية التي تعمل لأجندات خارجية: والهدف من كل ذلك هو منع استقلالية القرار السياسي والموقف السياسي والاقتصادي المستقل والسيادي.

تجربة الرئيس، عبد المجيد تبون، الإصلاحية في جميع المجالات، أثبتت أن الخيار الأصح، كان هو الالتفاف حول إنجاح تجربة التحكُّم في المنعطف الإصلاحي الهادف إلى خدمة البلاد وسيادتها ونموِّها المستدام والسريع، بعيدا عن الحزبية الضيقة والحسابات السياسوية والإيديولوجية المعيقة للخروج من الأزمة، التي كانت ستعصف بالبلاد، لولا تلاحم الموقفين السياسي والأمني، من أجل إنجاح تجربة إخراج السفينة والإبحار بها نحو شاطئ الأمان: إبحار ما كان ليكون لولا التلاحم الاجتماعي والسياسي ونبذ الخلافات والتراشق الحزبي والإعلامي، الذي كان يبقينا طويلا في عرض البحر وسط تلاطم الأمواج. كان على الربان والملاحين والطواقم كلها، أن تعمل بكل قوة وإخلاص وتفان لإبقاء المرْكب في وضعية التوازن على السطح، مع محاولة الإبحار بأشرعة معدلة صوب الرياح التي تشتهيها السفينة لا الرياح التي يشتهيها قراصنة عرض البحار.

تمكنا خلال فترة وجيزة، ورغم ما جابهناه من أحوال جوية وطقس سياسي واقتصادي وصحي، طيلة أكثر من عامين، من إعادة الأشرعة إلى وضعها الطبيعي وبدأ المرْكب في الإبحار تحت تأثير الرياح الأربعة: إبحار مريح سمح بتدارك ما فات، بل تجاوز التوقعات: تجاوزٌ في تطور معدل النمو، وتطورٌ في مجال الصادرات من غير المحروقات، وتطور في ارتفاع العائدات. بل أكثر من ذلك، اختراق في عدة مجالات: في السياسة الخارجية، في العالم وفي القارة الإفريقية. حركنا كثيرا من المياه الراكدة بشأن عدة قضايا كانت منسية أو متروكة للنسيان: القضية الفلسطينية، الصحراء الغربية، النظام العالمي الجديد، الوحدة الإفريقية، التكامل الاقتصادي القاري والعربي والجهوي. الندية في التعامل الاقتصادي والتجاري والسياسية مع أوروبا في مجال الاستثمارات وفي مجال إنتاج وتصدير النفط والغاز. فرض قاعدة رابح- رابح على كل المتعاملين والدول ودون استثناء، الذاكرة، أخلقة العمل السياسي والاقتصادي وتكريس الديمقراطية الاجتماعية، ودفع المواطن إلى الشعور بأن صوته لم يعد قابلا للنهب والتحويل عند الاستحقاقات الانتخابية: كل هذا جعل من البيئة السياسية على صمتها لفترة، صمت حكمة، ترى في نتائج تجربة الإصلاح الشامل لرئيس الجمهورية، نتائج يبنى عليها مستقبلا، إن لم يكن في الاستحقاق المقبل، فسيكون ذلك حتما في ما يليه، على أساس أنه كلما تعززت القاعدة السياسية في ترسيخ الشفافية وترشيد الحكم وأخلقة المؤسسات، نجحنا في كسب رهان المواطن في التنمية وفي المشاركة السياسية والاقتصادية والتنموية: شبابا وعمالا وحركات جمعوية وأحزابا ومؤسسات وتنظيمات.

ما حصلنا عليه وبنجاح اليوم، هو قاعدة متينة نحو الانطلاق السريع والمحصّن والقوي وبلا رجعة نحو الأمام ونحو الأمان.

وعليه، فالرهان الرابح، هو ربح استقرار البلد: الاستقرار الضامن للتنمية والاستمرار.

مقالات ذات صلة