الجزائر
هيئات حقوقية وأطباء يدقون ناقوس الخطر لحماية الأبناء من الآباء

“التدخين السلبي”.. جريمة ترتكب ضد الأطفال في الوسط العائلي!

مريم زكري
  • 271
  • 0
أرشيف

تسبّب سلوكيات سيئة لبعض الآباء أمام أبنائهم في عواقب كبيرة يتعرضون لها، من بينها التهاون في استهلاك مادة التبغ في وجود الأطفال، وهو تصرف سيء من الناحية التربوية والصحية، فبين التقليد للآباء، وأضرار السيجارة على أجسادهم الضعيفة، جريمتان خطيرتان تهدّد الطفولة، وتستدعي المزيد من الحملات التحسيسية والقوانين الردعية.
وإن مثل هذه التصرفات اللامسؤولة التي يضر بها الآباء فلذات كبدهم، وهم أحيانا، دون الست سنوات، معرضين إياهم لما يسمى بـ”التدخين السلبي” أو “القسري”، وقد يكتسب هؤلاء الأطفال سلوكيات أوليائهم وإدمانهم على التدخين أو أشياء أخرى، ويظهر ذلك في سن المراهقة، الأمر الذي دفع بعض المختصين والأطباء بالمطالبة بوضع آليات حماية الطفل في الوسط العائلي من التدخين السلبي، وتحسيس الآباء المتعاطين للسيجارة بخطورة ذلك.

التدخين القسري.. سلوك سيء يدفع الأبناء إلى التقليد
وفي هذا السياق، حذّرت الأستاذة فريدة رحال، مدربة في مشروع وقاية الشباب من الآفات الاجتماعية، في تصريح لـ”الشروق”، من التدخين في أماكن تواجد الأطفال، قائلة: “إن الكثير من الآباء يدخنون أمام أبنائهم في البيت أو السيارة، رغم أن الدخان الذي يخرجونه من أفواههم، يستنشقه الأبناء”، وهو ما يعرف بـ”التدخين القسري”، الذي يؤذي الأبناء ويؤثر بشكل سلبي على صحتهم الجسدية.
وأضافت المتحدثة، موضحة أن سلوكيات الأبناء تكون أحيانا نتيجة لبعض تصرفات الآباء، لأن الأطفال، بحسبها، يتخذون من أوليائهم نموذجا يقتدون به، ويكاد يكون النموذج الوحيد بحياتهم. وأشارت إلى أن ذلك راجع لقلة فرص اختلاطهم مع نماذج أخرى، حيث أن تدرج مراحل وعي الطفل تتأثر بخبرات يكتسبونها أثناء مرحلة الطفولة، وهي الفترة الزمنية المقدرة بالست سنوات الأولى من حياتهم.
وأكدت الأستاذة رحال، أن التدخين السلبي أمام الأطفال تحول إلى “قنابل موقوتة بمنازلنا لما له من أضرار لا حصر لها”، موضحة أن بعض الآباء خاصة منهم فئة المثقفين أو من يملكون مستوى دراسي جيّد، هم بمثابة القدوة لأبنائهم، ومن العيب قيامهم بتصرفات أو أفعال تنافي ما سبق لهم أن استوصوا به أطفالهم، على غرار التحلي بالأخلاق الحسنة والسلوكيات الطيبة.
وشدّدت الأستاذة والمختصة فريدة رحال، على ضرورة القيام بمثل هذه التصرفات “خفية”، وعلى رأسها التدخين الذي أصبح أمرا متهاونا فيها لدى الكثيرين، فعليهم تعاطي “سيجارتهم” بعيدا عن أعين الأبناء حتى لا يتأثروا سلبا بها.
ولمّحت المتحدثة، إلى أن بعض الآباء تخرج أمورهم عن السيطرة أحيانا ويصلون إلى مرحلة الإدمان، فلا يمكنهم الاستغناء عن السيجارة، ويعتبر التدخين لديهم الخيار الوحيد للتخلص من الضغط والقلق الذي يصيبهم بمجرد دخولهم إلى المنزل.

استهلاك التبغ في حضور الأطفال يعرضهم للإدمان والمرض
ومن جهته، حذّر رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث “فورام”، البروفيسور مصطفى خياطي، من مخاطر التدخين السلبي الذي يتسبّب فيه الآباء ويهلكون به صحة أطفالهم، موضحا أن التدخين في حضور الطفل يعرضه للإدمان والمرض، كما أنه أكثر ضررا على الأجنة من النساء المدخنات أنفسهن.
وأشار خياطي، إلى أن تدخين الآباء أمام أطفالهم بالمنزل بمثابة “سم” يستهدف صحة الطفل بشكل مباشر، قائلا: “نحن نعرض أطفالنا “للتسمم” بأيدينا، فكل ما تواجدت مادة النيكوتين بالهواء، يزيد ذلك من حتمية تعرض الأبناء للخطر بعد استنشاقهم لهذه المادة والإصابة بمشاكل في النمو وعملية إفراز الغدد بالجسم”.
وأفاد البروفيسور خياطي، بأن التدخين لا يقتصر على الأب فقط، بل حتى بعض الأمهات يدخن خلال أشهر حملهن الأولى، بدون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الصحية التي تحدق بالجنين، مشدّدا بالقول أن هذا التصرف يزيد من خطر إصابة الأجنة في طور النمو بمشاكل صحية، بما في ذلك الولادة المبكرة والوزن المنخفض والعيوب الخلقية.
ودعا خياطي، في السياق ذاته، إلى ضرورة الوقاية من مثل هذه الآفات، موضحا أن التدخين خارج البيت أو في غرف شاغرة أو في الشرفات من شأنه حل مشكل تعرض أفراد العائلة إلى سلبياته، ولضمان عدم استنشاق الأطفال مادة النيكوتين المضرة المنبعثة من السيجارة.
وقال خياطي، إن إحكام إغلاق نوافذ المنازل والسيارة، وتعاطي السيجارة في هذه الفضاءات المغلقة، يعرقل عملية التخلص من رائحة السجائر التي تدوم طويلا.

مقالات ذات صلة