البنك الدولي: إنجازات الجزائر الاقتصادية نموذج إفريقي وشرق أوسطي

تبادل وزير المالية، لعزيز فايد، مع نائب رئيس البنك الدولي المكلف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عصمان ديون، الرؤى بشأن فرص التنمية الاقتصادية في مجال التنمية الاقتصادية، في سياق عالمي يتسم بالأزمات المتعددة الأوجه، كما اعترف مسؤول البنك الدولي بأن الإصلاحات الاقتصادية في الجزائر تستحق أن تكون نموذجا يقتدى به من طرف الدول الإفريقية وفي منطقة الشرق الأوسط.
وجاء ذلك خلال استقبال فايد، الثلاثاء، لممثل البنك الدولي، وفق بيان لوزارة المالية، تلقت “الشروق” نسخة منه، حيث أتاحت الفرصة استشراف مستقبل علاقات التعاون بين الجزائر والبنك الدولي من أجل تعزيزها من خلال إجراءات تبادل المعرفة لتعزيز المكاسب في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، قدم فايد لمحدثه المسار الذي اتبعته الجزائر لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة، مسترشدًا بأهداف واقعية مدرجة في برنامج عمل الحكومة والنابعة من 54 التزامًا رئاسيًا.
وأوضح فايد أن هذا المسار أدى ببلدنا إلى الشروع في برنامج طموح للإصلاحات الهيكلية في مجالات رئيسية تتضمن عدة محاور استراتيجية، بما في ذلك تحديث العمليات المالية، وتشجيع الاستثمار، ورقمنة الخدمات العامة، وتحديث القطاع المصرفي والمالي، بالإضافة إلى تنفيذ مبادرات تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال وتشجيع ريادة الأعمال.
وفي هذا الإطار، أشار فايد إلى أن الجزائر مدركة للدور الرئيسي الذي يلعبه القطاع الخاص في تحقيق أهداف التنمية، حيث قامت بمراجعة بعض النصوص الأساسية من ترسانتها القانونية التي تنظم بيئة الأعمال، لا سيما من خلال تبني قوانين جديدة مهمة مثل تلك المتعلقة بالاستثمار، والأراضي الاقتصادية، والعملة والبنوك، والمشتريات العامة.
وأكد وزير المالية أن الجزائر مستمرة في إيلاء اهتمام خاص لتعزيز الحوكمة الاقتصادية، ومكافحة الفساد، وأخلقة الحياة العامة، كمتطلبات مسبقة لضمان نجاح أي إصلاح، ومن أجل تعزيز أسس النمو الاقتصادي القوي والعادل.
وانطلاقًا من هذا السياق الشامل الذي يشهد على ديناميكية جديدة للإنعاش الاقتصادي بدأتها الجزائر، شدد وزير المالية على أهمية تنمية رأس المال البشري لضمان نجاح هذه الإصلاحات، داعيًا محدثه إلى تركيز تدخل مؤسسته في الجزائر على تعزيز القدرات ونقل المعرفة لصالح الإطارات المؤسسية الجزائرية.
وعلى الصعيد العالمي، وفي ظل التحديات العالمية التي تهدد استمرار جهود التنمية، لم يغفل فايد عن التأكيد على ظاهرة التغير المناخي، والتي أشار إلى أنها أصبحت عنصرًا هيكليًا وليست ظرفيًا، يجب دمجها الآن في السياسات العامة. وأوضح فايد أن جهودًا هائلة تبذلها الجزائر على عدة مستويات من خلال مراجعة النصوص التنظيمية، ووضع آليات خاصة، والتواصل والتوعية بين السكان، من أجل التخفيف من آثار هذه الظاهرة.
من جهته، هنأ عصمان ديون الجزائر على الأداء الذي سجلته واعترف به، حيث سمح بتحسين تصنيف الجزائر مؤخرًا، مشيدا في هذا السياق بهذه الإنجازات باعتبارها نموذجًا للنجاح يستحق أن يُقتدى به في دول أخرى في إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
كما أكد ديون على الإمكانيات التي تتمتع بها الجزائر كفاعل مهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بفضل استقرارها الجيوسياسي، وديناميكيتها الاقتصادية، ومواردها البشرية وشبابها، وموقعها الجغرافي، واتصالها الإقليمي، وإمكاناتها كمركز لوجستي، ووصولها إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية والعربية.
وفيما يتعلق بعلاقات التعاون بين الجزائر والبنك الدولي، أشار ديون إلى الاعتراف بالاحتياجات التي عبر عنها وزير المالية لتعزيز التعاون، لاسيما في مجالات تبادل المعرفة، وتعزيز القدرات، والدعم الفني، إلى رغبته القوية في إعطاء دفعة جديدة للعلاقة بين مؤسسته والجزائر.
ولذلك، أبدى ديون استعداده لتوسيع وتعميق هذه الشراكة مع الجزائر، مستفيدًا من مجموعة واسعة من أدوات الدعم الفني والمشورة، مع الالتزام بالأولويات الوطنية.
وفي سياق آخر، قدم ديون لمحة عن تقدم عملية تطور البنك الدولي وتكيفه مع التحديات المعاصرة، وفي هذا الإطار، شارك وزير المالية رؤيته وخطة عمله لدعم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمواجهة التحديات الحالية التي تواجهها.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال زيارته للجزائر، سيعقد ديون لقاءات مع أعضاء آخرين في الحكومة وكذلك مع ممثلي المؤسسات الوطنية، وتهدف هذه الاجتماعات إلى توفير فهم عميق لاحتياجات التنمية في الجزائر والتحديات التي تواجهها البلاد، مما سيسمح باستشراف مسارات التعاون المستقبلية.