رياضة

“البالون” والفرحة.. و”الاحترام”!

قادة بن عمار
  • 4151
  • 19

ليس سرّا القول أن هنالك ارتباطا وثيقا بين الكرة والسياسة، أو مثلما يحلو للبعض أن يردّد.. هنالك شعرة رقيقة تفصل ما بين تسييس الكرة وتكوير السياسة.. شاهدنا ذلك بوضوح في اسبانيا مؤخرا، حين لم يحتفل الشعب بالملك الجديد حزنا على سقوط الملك كاسياس ورفاقه بشكل مخجل في المونديال، كما شاهدناه أيضا مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تحملت عرَق اللاعبين و”جنونهم” داخل غرفة تبديل الملابس لالتقاط صورة توظفها في معاركها السياسية المستمرة.. ثم شاهدناه بقوة أيضا مع رئيسة البرازيل التي تعاطفنا معها، ومع تاريخها النضالي الطويل (دخلت السجن عدة أعوام) حين امتنعت عن افتتاح المونديال خوفا من التصفير عليها من جماهير الملعب، لكنها ظهرت “خبيثة جدا ومحتالة من الناحية السياسية” حين قررت إعلان ترشحها لولاية جديدة في غمرة احتفال البرازيليين بأهداف نيمار وأوسكار!!

في الجزائر.. وبغض النظر عن الفرحة التي لم تعد معطى جديدا لفهم سلوك الجزائريين واندفاعهم بشكل هستيري نحو الشوارع عقب كل انتصار يحققه الفريق الوطني، فإن عاملا آخر دخل على الخط، يتعلق هذه المرة بـ”الاحترام” الذي لم يعد يشعر به الجزائريون في العالم، وبين الأمم، سوى عند كل انتصارٍ يحقّقه فريقهم الوطني في المونديال، أمر بقدر ما يجعل البعض سعيدا ومكتفيا وقانعا، فإنه في الآن ذاته.. ومن وجهة نظر موضوعية تماما، يعتبر خطيرا جدا !!

الجزائريون حزِنوا بعد مقابلة بلجيكا، ليس بسبب الهزيمة، لكن نتيجة الأداء الضعيف والمُخجل الذي أظهر البلاد برمتها ضعيفة جدا في محفل كبير، تحتل السياسة العناوين العريضة فيه على قدر المساواة مع الرياضة.

ليس للجزائريين غير “البالون” لإثبات مكانتهم بين الدول، أمر إن كانت تعتبره السلطة إنجازا كبيرا يضاف لرصيدها، فإن الشارع المنتشي بفرحة الانتصار، لن ينتظر طويلا ليُفتّش عن احترامه المفقود خارج الملاعب.. ويبحث عن مكانته التي يستحقها بعيدا عن المستطيل الأخضر!!

بالمختصر.. بقدر ما ندعو للفريق الوطني أن يحقق المزيد من الانتصارات التي ترفع العلم الوطني عاليا، وتُدخل البهجة على قلوب الشعب المغبون، وتوحّد صفه بعد أن فرقته فتن السياسة وهموم الدنيا التي لا تنتهي.. فإننا نقول: “الله لا تربحهم” هؤلاء الذين جعلونا لا نحس بالوطنية إلا في مباريات كرة القدم، ولا نردد نشيد “قسما” بصدق وحماس إلا عند المونديال، ولا نرفع الرايات الوطنية سوى في الملاعب.. “الله لا تربحهم” هؤلاء الذين جعلونا لا ننتظر أن يأتينا الاحترام والتقدير بين الأمم سوى من هجمة مرتدة لسليماني، أو رأسية محكمة من حليش، أو مراوغة احترافية من براهيمي، أو تسديدة قوية من جابو!!.. أما بقية حياة الجزائريين، فغبنٌ وقلّة حيلة، وصراع مستمر مع السياسات الفاشلة، والبيروقراطية والإرهاب الإداري.. وأمور أخرى كثيرة سنؤجل الحديث عنها، كالعادة، فالمونديال فرحة، والشعب بحاجة ماسة إليها!

مقالات ذات صلة