الرأي

الباك المغشوش!

قادة بن عمار
  • 6758
  • 31

من حق طلبة البكالوريا أن يغضبوا وينتفضوا ثمّ يصرحون على الملأ دون خجل علمي ولا حياء أدبي أن الحكومة خدعتهم ودسّت لهم في أوراق الامتحانات أسئلة لم يتم الاتفاق عليها!!

ما ذنب طلبة البكالوريا إذا كان الوضع العام في البلاد والمناخ السائد يُشجِّع على إنتاج مزيد من مظاهر الغش والفساد في كل شيء حتى في العلوم والمعارف، كما أن حالة الغش التي مارستها وزارة التربية في التعامل مع قضايا القطاع، على امتداد العقدين الأخيرين، ليست بأقل كارثية من خروج التلاميذ عبر الفضائيات والصحف للمطالبة بإعادة النظر في بعض الأسئلة حتى بعد طرحها والإبقاء على النسب المضخّمة من الفائزين، مثلما جرت عليه العادة في عهد “سيّء الذكر” بن بوزيد!!

الحكومة الغشّاشة، والتي تمارس هوايتها في عزّ النهار، مثلها مثل النقابات التي صدّعت رؤوسنا بالتهديد والوعيد أنها ستقاطع امتحانات نهاية السنة، لنجدها في آخر المطاف تحضر إلى قاعات الامتحان خائبة ذليلة، وبتواطؤ مسبق وصفقة سرية تقتضي فتح عين وإغلاق أخرى أثناء الحراسة، أي بشرعنة الغش إمعانا في انقاذ الموسم ومغازلة التلاميذ بجذبهم لمعسكر الأساتذة والنقابات التي تتحمل جزءا من المسؤولية عن الوضع المتردي الذي وصلت إليه المدرسة الجزائرية!!

هذه المدرسة التي باتت منكوبة فعلا، وإن كان هذا الوصف يعدّ قليلا بالنسبة لحالها، فهي باتت أكثر من منكوبة، بل أصبحت منهوبة من طرف الجميع، وفي مقدمة هؤلاء أيضا الوزارة الوصية، والتي لم تدّخر جهدا في زيادة إشعال الغضب النقابي والتحريض بين أولياء التلاميذ والأساتذة ناهيك عن تشجيع الممتحنين في البكالوريا على الخروج للشارع في أكثر من مرة للمطالبة بأسئلة “ساهلة ماهلة”!

المدرسة مثل الجامعة تتعامل مع كمّ الطلبة الذين يمرّون عليها باعتبارهم “قضاء وقدر” ينبغي التعامل معهم بمختلف سياسات المكر والتدبير، والتي تجعل من مسألة الانتقال من سنة إلى أخرى ليست هي القضية بل إن الخروج من الجامعة والدخول في معترك الحياة العملية، هو القضية الحقيقية، والتي سرعان ما تنتهي بمزيد من الغش الرسمي والاستراتيجي المتمثل في عقود ما قبل التشغيل وغيرها من صيغ القضاء على البطالة بالأكاذيب الممنهجة!

لا لوم على التلاميذ أنهم تحوّلوا إلى مجرد مفرغات عمومية لمختلف أصناف الجهل وقلّة الوعي ونقص التربية، طالما أن الأسرة مستقيلة عن دورها، والحكومة تعدّ حاضنة الغش الأساسية، كما أن النقابات لم يعد يهمها سوى ممارسة مزيد من النقب للمال العام، ولو على حساب المبادئ والمثل والأخلاق، زيادة على توجه عدد كبير من هؤلاء الطلبة والتلاميذ نحو مزيد من بحور الإحباط واليأس التي لا تجعلهم يفكرون في شيء سوى الهروب من هذا الوطن المفشوش وليس فقط النفور من الباك المغشوش!!

مقالات ذات صلة