-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الاستقلال ومطلب الاستقلالية

عمار يزلي
  • 374
  • 0
الاستقلال ومطلب الاستقلالية

الجزائر وهي تستعد لإحياء ذكرى عيد الاستقلال الوطني، تستعد أيضا ومنذ فترة غير قصيرة لمراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوربي على أسس جديدة تضمن استقلالية القرار السياسي وضمان معادلة “رابح رابح” في العلاقات التجارية والتبادلية بينها وبين كل شركائها الدوليين.

مراجعة قواعد اتفاقية التعاون والشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوربي، بما يضمن حق الجزائر في الحفاظ على استقلالية اقتصادها وتعافيه وضمان نموه بعيدا عن القواعد المجحفة التي أبرمت في ظروف أخرى كان الوضع الاقتصادي فيها متضعضعا، في ظل قيادة أخرى ولوبيهات متحكمة في دواليب التجارة الخارجية والفساد الذي حصل، والذي وصل، إلى حد محاولة خنق البلد وتحويله إلى مجرد سوق استهلاكية من عائدات النفط وتربُّح الشركات الأوربية وبالأخص الفرنسية من دون أدنى مقابل للمنتجات الجزائرية في الأسواق الأوربية والفرنسية بشكل خاص.

كان وضعا خاصا، ويتطلب اليوم الوضع الجديد مراجعة جادَّة للعلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوربي والجزائر، بعد أن تقلصت صادراته نحو الجزائر من 22.3 مليار أورو سنة 2015 إلى 14.9 مليار أورو في نفس السنة، لاسيما الصادرات الفرنسية والاسبانية، فيما تطوّرت العلاقات الاستثمارية مع بلدان أخرى كإيطاليا مثلا.

اليوم، لا مجال لتفضيل شريك على آخر، بناء على الماضي التاريخي، لاسيما فرنسا، التي عملت منذ الاستقلال على جعل الاقتصاد الجزائري مرتبطا بها هيكليًّا، مستغلة الاتحاد الأوربي في محاولات الضغط من أجل الإبقاء على علاقة التربح الجشعة التي فرضتها ضمن قوانين التبادل التجاري بين الجزائر والاتحاد الأوربي، الذي لا يزال مع ذلك يمثّل أكبر شريك اقتصادي للجزائر بنحو 50.6% من مستوردات الجزائر منها.

الترشيد الذي مسّ منذ خمس سنوات قطاع الاستيراد، لأجل تشجيع الإنتاج المحلي، هو سياسة متَّبعة لدى كل الدول، بما فيهم الدول العظمى، عندما تشعر أن المنافسة غير عادلة، وتضر بالمصالح الوطنية والإنتاج المحلي، لكن الجانب الآخر، لاسيما الفرنسي منه، كان دائما يريد، بل ويحاول أن يفرض قواعد “التعاون” الأنانية: تستورد الجزائر منها كل شيء ولا تقبل في سوقها أي شيء منها، معتمدة على معايير الجودة لمنع وتهميش المنتجات الجزائرية على قلتها من دخول أسواقها.

اليوم، تعمل الجزائر ضمن مفاوضات بين الجانبين: مفاوضات ثنائية ومتعددة، على تكريس حق المنتج الجزائري في تبوّإ مكانته في السوق الأوروبية بنفس القوة والصفة والصيغة التي تسمح للمنتجات الأوربية والفرنسية بدخول السوق، إما في شكل استيراد أو استثمار، طبقا للقوانين الجديدة في الاستثمار والتصدير والاستيراد.

هذا العمل الجاري، يكرس رغبة الجزائر اليوم في تجاوز حقبة الاستفراد بمال الخزينة الجزائرية لصالح “الاستيراد” وفقط، ويدفع نحو تشجيع الصادرات خارج المحروقات التي قد تصل إلى 10 ملايير دولار مع نهاية السنة الحالية، بعد أن انتقلت من أقل من 3.5 مليار دولار قبل أربع سنوات، إلى اكثر من 7 مليار دولار في ظرف 3 سنوات، وهي طفرة لم تعرفها الجزائر من قبل في أي وقت من الأوقات.

اليوم، ونحن مقبلون على الاحتفاء بذكرى مرور 62 سنة على سنة 1962، نريد أن نرى الجزائر تتجه نحو استقلالية اقتصادية وغذائية وسياسية، بعيدا عن التبعية والضغوط المالية والقروض الربوية العالمية المهيمنة على القرار السياسي في آخر المطاف، كما حصل  معنا مع صندوق النقد الدولي قبل 30 سنة: سنوات التهديد بانهيار البلد سياسيا وأمنيا واقتصاديا.

اليوم، نتجه نحو استقلال رباعي الدفع: سياسي واقتصادي وأمني وثقافي. والذاكرة هي البوصلة والوطنية والسيادية، هي الأيديولوجية القائدة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!