العالم
تطبيعها مع الصهاينة غرضه طلب الحماية الأمريكية

الإمارات تعاني من عقدة “الصغر” والكيان الصهيوني لن يدافع عنها

عبد السلام سكية
  • 5965
  • 0

أسقط الباحث في القضايا الدولية والإستراتيجية، الأكاديمي الأردني وليد عبد الحي، المزاعم التي استندت إليها دول عربية على رأسها الإمارات من أجل “ركوب قطار التطبيع” مع الكيان الصهيوني، وشدد على دولة الإمارات أن “الاعتقاد بأن العلاقة مع إسرائيل يشكل حجابا واقيا من خطر الصغر وأن حجب الإرادة الشعبية عن التعبير عن نفسها عبر صناديق الاقتراع هو أداة مضمونة للبقاء في السلطة المستندة للعلاقة مع قوى كبرى”.
نشر الأكاديمي وليد عبد الحي، مقالا مطولا عاد فيه إلى المبررات التي ساقتها دول عربية وركز بشكل خاص على الإمارات، للتطبيع مع الكيان الصهيوني تحت مزاعم “خدمة القضية الفلسطينية”، وذكر عبد الحي في مقاله المعنون بـ” ما وراء التطبيع: النموذج الإماراتي” وأورد أن هنالك مسوغات تندح في إطارين هما مسوغات ظاهرية وأخرى باطنية للتطبيع.

هذه مسوغات الإمارات للتطبيع مع الصهاينة
بخصوص المسوغ الأول، أشار الأكاديمي “يهدف التطبيع إلى التخلص من أعباء الإنفاق العسكري على الصراع مع إسرائيل، لكن الإنفاق العسكري لم يتغير بعد التطبيع بل أنه ازداد قياسا لإجمالي الناتج المحلي في اغلب دول التطبيع”، و”يوفر التطبيع حالة للسعي لخلق حالة من الاستقرار في الشرق الأوسط لفتح المجال أمام التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي في دول المنطقة، لكن كافة المقاييس الدولية تجمع على أن الشرق الأوسط هو المنطقة الأعلى في عدم الاستقرار السياسي والأعلى في مستويات الاستبداد والأكثر تخلفا في المجالات العلمية”، السبب الثالث هو “التطبيع يساهم في تشجيع التيارات السياسية الإسرائيلية المساندة لإقامة دولة فلسطينية، لكن النتيجة تشير إلى أنه منذ بداية التطبيع إلى الآن ارتفعت مقاعد القوى السياسية الإسرائيلية اليمينية في الكنيست ولم يحصل حزب العمل (أو الماباي) إلا على 4 مقاعد في الكنيست الحالي، كما أن تقديرات مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أن نسبة اليمين إلى اليسار في المجتمع الإسرائيلي الشاب هي 5(يمين) إلى 1(يسار).أي أن المعارضين للدولة الفلسطينية أو للحقوق الفلسطينية تضاعف منذ أول تطبيع عام 1977(زيارة السادات لفلسطين المحتلة)”، أما المسوغات الباطنية للتطبيع، فهي ضمان رضا “أقطاب المجتمع الدولي عن النظام القائم ومساندته ضد أي قوى تغيير تهدده”.
وخلص عبد الحي أن “المسحة الأخلاقية والظاهرية للتطبيع توفير الإنفاق العسكري، التوجه نحو التنمية، تحسين فرص إقامة دولة فلسطينية، تعرت تماما في حرب غزة التي فضحت وعرت كل هذه التبريرات المفتعلة، وتحولت التبريرات بعد ذلك إلى القول إن العلاقة مع إسرائيل سمحت بايصال المساعدات لغزة، وهو الموضوع الذي تتكئ عليه الآن الدبلوماسية التطبيعية، لكن تقارير الهيئات الدولية عن أن نسبة ما تسمح إسرائيل بوصوله لغزة لا يغطي أكثر من 5% من الحاجات المطلوبة، بينما ما تسمح به دول التطبيع للمتاجرة فيه مع إسرائيل يفوق ذلك”.

بن زايد طبع مع الصهاينة طمعا في الحماية الأمريكية
يتوقف عبد الحي في مقاله، عند التحول الذي حدث فترة تولي محمد بن زايد الحكم، رغم أن والده الشيخ زايد كان له موقف واضح هو “إسرائيل عدوا للأمة”، ويشدد أن بن زايد يتبنى ” يتبنى موقفا عدائيا حادا من التيارات الدينية الإسلامية رغم تتلمذه وهو في الرابعة عشرة من عمره على يد احد رجال الإخوان المسلمين وهو عز الدين إبراهيم، وتعززت هذه النزعة من خلال صلته بريتشارد كلارك الذي عمل مستشارا لمكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة ، وهو احد الخبراء في الشأن الأخواني”، ويتابع “تعززت مخاوف بن زايد من التيارات الإسلامية بعد أن تبين له أن اثنين من المشاركين في هجمات سبتمبر في الولايات المتحدة هما من الإمارات العربية، وهو – طبقا لما يقوله كلارك – ما عزز هواجس بن زايد بان هذا التيار يشكل تهديدا لسلطة الأسرة الحاكمة”، ويضيف “تعززت هواجسه ضد الحركات الدينية من خلال شعوره يما يعتبره تمددا إيرانيا في المنطقة… فتزايد قلقه على سلطته، فكان لا بد له من التقارب مع إسرائيل لتكون سندا له في مزيد من الحماية الأمريكية له، وهو ما تجلى بعد ذلك في اتفاقيات ابرهام”.

أبو ظبي وفرت البديل للصهاينة
وقدم عبد الحي نماذج للتعاون الوثيق بين أبو ظبي ودولة الاحتلال، وقال “الإمارات تساهم في إيصال التجارة برا وجوا إلى إسرائيل لتفادي مخاطر هجمات الحوثيين، بل وتصاعد حجم التجارة بشكل متسارع مع إسرائيل لتصبح الإمارات الشريك التجاري الثاني لإسرائيل بعد تركيا، بينما هناك حاليا حوالي ألف مشروع تجاري إسرائيلي في الإمارات، كما أن التعاون بين البنكين المركزيين الإسرائيلي والإماراتي يتنامى، كما اشترى الصندوق السيادي الإماراتي 22% من حقل غاز إسرائيلي في البحر المتوسط بقيمة مليار دولار، ،ناهيك عن فتح فرع للشركة التكنولوجية التي يرأسها طحنون بن زايد في تل أبيب،وبلغت عقود هذه الشركة مع إسرائيل بعد اندلاع الحرب حوالي 20% من مجموع عقودها”.

500 شركة إماراتية تتعاون مع إسرائيل
والعلاقات في الجوانب الأخرى بين الجانبين، “المشاركة مع إسرائيل وباكستان واسبانيا في تدريبات الطيران العسكري في الولايات المتحدة عام 2016″، و”إقامة قاعدة تجسس بالتعاون مع إسرائيل في جزيرة سوقطرة”، و”بناء تعاون تكنولوجي مع معهد وايزمان الإسرائيلي من ناحية والتعاون في مجال بيع نظم دفاع جوي بين الطرفين من ناحية اخرى، وقد أصبح هذا أكثر يسرا بعد انتقال إسرائيل من تبعيتها للقيادة الأوروبية في القوات الأمريكية إلى القيادة الوسطى في الشرق الأوسط مما يسهل التعاون بين الطرفين تحت القيادة الأمريكية”.
ويضيف عبد الحي على ما سبق “تعمل شركات إسرائيلية تحت غطاء طرف ثالث في الإمارات، كما يعمل إسرائيليون ممن يحملون جوازات سفر ثنائية في الإمارات، ثم تلا ذلك إعفاء سكان الطرفين من الفيزا للدخول إلى البلد الآخر، وفي عام 2020 تم تأسيس مجلس الأعمال الإماراتي الإسرائيلي ويضم أكثر من ثلاثة آلاف من رجال الأعمال من الطرفين في كل القطاعات، وهناك الآن أكثر من 500 شركة إماراتية تتعاون مع إسرائيل”.
ويؤكد عبد الحي أن “انغماس” الإمارات في التطبيع مع دولة الاحتلال لم يأتي بأي أثر ايجابي على الفلسطينيين، ونقل تصريحا ليوسف العتيبي سفير الإمارات في واشنطن( والعتيبي صديق لكوشنير مستشار دونالد ترامب وصهره من ناحية ثانية) جاء فيه أن “إسرائيل تعهدت بعدم ضم الضفة الغربية ووقف الاستيطان عند توقيع اتفاقية ابرهام، لكن بعد 3 سنوات قال إن إسرائيل تعهدت بـ ” تعليق” الضم والاستيطان”، وهو ما يعني التراجع عن التعهد الذي نقله السفير الإماراتي، ولم يترتب على التراجع الإسرائيلي أي موقف إماراتي، و”الزعم الإماراتي ان علاقاتها مع إسرائيل ساهمت في تسهيل وصول مساعداتها لقطاع غزة في الحرب لحالية، لكن الهجمات الإسرائيلية على المطبخ المركزي العالمي الذي تشارك فيه الإمارات يشير إلى هشاشة هذا الترويج، فالعلاقة لم تساهم في حماية الشريك، ناهيك عن أن تجارة الإمارات مع إسرائيل تفوق بعشرات الأضعاف قيمة مساعدتها لغزة”.
وخلص عبد الحي في قراءته للعلاقة “المزدهرة” بين الجانبين، أن دولة الاحتلال لن تشكل دفاعا عن الإمارات التي تعاني من عقدة “الصغر”، وقال ” الوهم والاعتقاد بأن العلاقة مع إسرائيل يشكل حجابا واقيا من “خطر الصغر “، وأن حجب الإرادة الشعبية عن التعبير عن نفسها عبر صناديق الاقتراع هو أداة مضمونة للبقاء في السلطة المستندة للعلاقة مع قوى كبرى”، وهنا قدم امثلة عن ذلك ” لكننا يجب ان لا ننسى أن القوى الكبرى تبيع أي حليف إذا فشل في أداء مهماته، ألم تتخلى أمريكا عن فيتنام الجنوبية، ألم تقبل بصين واحدة وطردت تايوان من الأمم المتحدة، وتركت أتباعها في أفغانستان يلهثون وراء طائراتها للهروب معها، وعندما اضطرب الكرملين ذهب حلف وارسو أدراج الرياح في لحظة، وتخلت بريطانيا عن هونغ كونغ في لحظة وغادرت البرتغال ماكاو رغم انفها، وتركت فرنسا جنرالات دول الساحل الإفريقي يبحثون عن سند دولي جديد”.

مقالات ذات صلة