-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الإخوان والميدان

صالح عوض
  • 1221
  • 7
الإخوان والميدان
ح.م

ثبتت فلسفة الميدان فشلها عندما تستخدم أداة للتغير وحيدة.. وتكون هذه الوسيلة قد خذلت أكبر حركة سياسية عربية «الإخوان في مصر» عندما أقنعتها أنها تمنحها شرعية في مواجهة مؤسسات عميقة ومجتمع سياسي له كياناته ورموزه.. ولعل الدرس السياسي الواقعي كان قاسيا لدرجة انه كاد ان يعصف بالعقل والرويّة لحركة تميزت بالتعقل والوسطية عبر عقود من المحن فكان التزامها بالسلمية مفخرة كبيرة لها. لقد حصل الانفصام النكد بين الحركة الإسلامية المصرية بقيادة الأخوان المسلمين وبين المؤسسة العسكرية ومعها عديد التنظيمات السياسية الليبرالية والوطنية المصرية وكثير من مكونات المجتمع المدني، الأمر الذي أصاب مصر بالإرهاق والتشتت وألقى على مصر بتحديات قاسية وصعبة في مرحلة التنفيذ الجنوني لمشروع الفوضى الخلاقة الذي تباشره الإدارات الغربية لاسيما الإدارة الأمريكية. بكل المعايير ما حصل هو خسارة لمصر وهو أيضا خسارة للعرب والمسلمين فمصر هي المختبر العربي للأفكار والسياسات وهي المختبر لإرادة المقاومة والصمود أمام الهجمة الغربية بما تتمتع به من موقع جيواستراتيجي ولذلك قادت عبر عقود طويلة عمليات التنوير والإصلاح والحركات التحررية بما لهذه العمليات من إيجابيات وسلبيات، ولأن وزن مصر العربي والإسلامي كبير كانت أخطاؤها قاتلة وكان لغيابها أثر بالغ السوء على المنطقة العربية والإسلامية. الإخوان المسلمون الحركة الإسلامية الأم الوسطية التي تصدت لعمليات الاختراق الثقافي والتغريب ورفدت حركات التحرر في كل مكان بطليعة المجاهدين ضد الكيان الصهيوني منذ نشأتها وحتى اللحظة تعاني من ضعف واضح في التعامل مع الشروط السياسية وتبدل المعطيات فيختلط الأمر لديها بين المبادئ والضرورات وتغلق على أنفسها فلا ترى إلا بما تريد أن يكون، فكان أن تعثرت في أكثر من مكان ليس بسبب خلل فكري إنما بلا شك بسبب سوء إدارة للعمل السياسي البشري الذي عليه أن يلتزم بقوانين وسنن ليس لها لون أو رائحة خاصة.. وكان لما فيها من عجز في الفهم والإدارة السياسية الأثر البالغ في ما انتهت إليه الأمور والمسألة هنا لا تقاس بحق أو باطل إنما تقاس بالحكمة والتيبّس. حصل ما حصل في مصر وتأخر العرب والمسلمون كثيرا عن التقدم لإنقاذ مصر.. تأخرت الحركات الإسلامية والقومية والحكام والساسة ووقف الجميع مجمدين عاجزين عن المبادرة.. وظلت مصر طيلة هذه الفترة التي امتدت لسنوات تأكل من رصيدها وقوّتها ودورها ويدفع العرب والمسلمون بسبب ذلك تفرّد الغرب بدولهم تفتيتا وتشريدا. إننا ونحن نسمع عن مبادرات خجولة من هنا وهناك للإصلاح بين المصريين والتوصل الى حلول أخوية تخرج مصر من المأزق ندرك أن هناك بالإمكان نهوض مبادرات اكثر عمقا وجدية على مستويات حقيقية مدفوعة من الحرص على مصر ومستقبل العرب والمسلمين.. ففي الأمة أحزاب وطنية محترمة وقومية متجذرة وإسلامية واسعة الانتشار، وفي الأمة قيادات لها وزن معتبر، وعلى الجميع ان يسهموا في التقريب بين وجهات النظر والقيام بمبادرات سريعة وقوية وحقيقية فإن في ذلك أملا حقيقيا بان نصبح امة على مستوى التحديات. الإخوان يكونون قد فهموا درسا كبيرا؛ أن الميدان لا يمنح شرعية والدولة في مصر تكون قد اقتنعت بأنه من المستحيل إقصاء قوة سياسية حقيقة من المشهد.. في هذه النقطة الوسط يبدأ الحل الكريم للجميع.. تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • قاسم فتح الله

    الأنظمة القمعية لن تسمح لا للإخوان ولا لغيرهم بالكرسي، والشواهد ظاهرة للعيان. اذكروا لنا دولة عربية واحدة تم فيها التداول على الكرسي..؟

  • ahmed hamdoune

    لا يا أستاذ هناك خلل فكري لدى الإخوان لآنهم لم يفهموا حركة التاريخ و حاولوا التصدي لعجلته الجارفة هذا من جهة و من جهة ثانية فإنهم يمارسون النفاق الفكري و السياسي بادعائهم الوسطية و الانفتاح و ممارستهم التقية و العمل السري باعتماد الاغتيالات و المؤامرات و التحالفات المشبوهة و قد شهد على ذلك شاهد بل شهداء من أهلهم و على رأسهم ثروت الخرباوي في "سر المعبد". و الأمر بين للعام و الخاص في الجزائر ، اسأل العامة من الناس عنه و سيكون الرد الغالب "لاتسألني عن القوم المنافقين" و ذلك جلي في تصرفاتهم اليومية و هو نابع من إيديولوجيتهم الازدواجية: إظهار السلم و التحضير للحرب.

  • الاغواطي

    لا يمكن أن يصلح حالنا إلا إذا وزنا الأحداث و الموافق بميزان الحق و الباطل.

  • ترمب

    رقمي..01..و..02...مخابرات الأعراب...اخجلوا من حماقاتكم فأنتم في الزمن الرقمي ....

  • زعموش

    ..ويبقى المحتل المحلي العسكري أخطر من المحتل الغربي الامريكي أو الاوروبي أو الصهيوني....لقد ثبتت للجميع أن الثكنــة العسكرية أعتى أعداء الشعب العربي من طنجة الى جاكرتا...كل الخطر يأتي من المحتل المحلي وليس المحتل الغربي الامريكي الصهيوني..الواقع الذي فضحته الازمنة

  • Saad

    الإخوان والحداثة كالزيت والماء.

  • Osama Marwan

    مهما حاولت القوى الرجعية بالعودة إلى الوراء و إعادة الحياة لجسد الإخوان الميت فهي واهمة .. فقد تلقت القوى الاستعمارية العالمية الضربة القاسمة من مصر الشعب قبل الدولة و الحكومة و ذلك بمحوهم هذا الكيان العفن من ذاكرة التاريخ .. و لن يعود مجدداً - تلك العودة التي تحلم بها الصهيونية العالمية و من ورائهم بعدما بذلت الرخيص و الغالي على مدى قرون لزرع هذا الكيان في جسد الأمة الإسلامية ؛ و هي بمحاولة إحياؤه تثبت عجزها عن إيجاد بديلاً عنه .. و لكن هيهات هيهات .