العالم
الصهاينة قتلوا النازحين عند طوابير انتظار الأكل

الأمهات جفت ضروعهن.. الرضع في غزة يموتون جوعا

عبد السلام سكية
  • 291
  • 0

حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من مخاطر تصاعد ضحايا نهج التجويع الصهيوني لسكان قطاع غزة، لاسيما في صفوف الأطفال والمسنين، وذلك في إطار جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضدهم منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وأكد المرصد الأورومتوسطي تنامي خطر المجاعة بين 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة بالتزامن مع تدهور شديد الخطورة في الصحة والتغذية والأمن الغذائي، وتزايد حالة الوفيات بفعل تفشي الأمراض المعدية والنقص الشديد في خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة.

ووثّق الأورومتوسطي وفاة الرضيع جمال محمود جمال الكفارنة من مواليد شهر أوت 2023 من بلدة بيت حانون بشمالي قطاع غزة، جراء الجوع بسبب عدم توفر الغذاء اللازم له ولوالدته.

وقالت سماح يوسف الكفارنة، وهي جدة الرضيع الضحية لفريق الأورومتوسطي، إنهم نزحوا منذ الأيام الأولى للهجمات العسكرية الصهيونية على قطاع غزة إلى خيمة في ساحة مدرسة في بلدة جباليا، مشيرة إلى معاناتهم من نقص متزايد بأي إمدادات إنسانية.

وذكرت أن والدة الرضيع “جمال” أصابها الجفاف بسبب قلة الطعام والغذاء واضطرت لشرب المياه المالحة وانقطع لديها الحليب مع الوقت، وهو ما أثّر على قدرتها على إرضاع طفلها تدريجيًّا وأدى إلى إصابته بارتخاء وجفاف حاد، خاصة مع عدم توافر أي بدائل من حليب الأطفال الصناعي بسبب الحصار المفروض على القطاع، إلى أن “توفي جائعًا في أحضان والدته” في 18 من الشهر الجاري، بحسب جدته.

وكان المرصد الأورومتوسطي قد تلقى إفادات بشأن حادثة أخرى حول وفاة الرضيع براء الحداد، (عام ونصف) من سكان مدينة غزة، جراء الجوع والجفاف يوم 30 ديسمبر الماضي.

كما أظهرت إفادات تلقاها الأورومتوسطي وفاة عدد من المسنين في مناطق متفرقة من قطاع غزة بفعل تداعيات معاناتهم من الجوع والجفاف، منهم سميرة أبو بربر، (59 عامًا)، وعصام النجار، (63 عامًا) وجودة زيدان شاكر الآغا، (81 عامًا).

وسبق للمرصد الأورومتوسطي أن وثّق عدة حالات وفاة بفعل الجوع بينهم الطفلة جنى ديب قديح، (14 عامًا) والمريضة بالشلل الدماغي، والتي توفيت يوم 8 ديسمبر الماضي في مدرسة “طيبة” في بلدة عبسان الكبيرة بشرقي خان يونس بجنوبي قطاع غزة بفعل الجوع ونقص الأوكسجين اللازم لحالتها.

وجدّد المرصد الأورومتوسطي التأكيد على أن دولة الاحتلال أفرغت قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2720) الذي صدر قبل شهر، بشأن توسيع المساعدات الإنسانية إلى غزة، من مضمونه وما تزال تستخدم التجويع سلاحًا ضد المدنيين الفلسطينيين، مضيفًا أن الكينا الصهيوني حول القرار المذكور إلى مجرد حبر على ورق، كبقية التزاماتها بموجب قواعد القانون الدولي، فيما ما يزال تجويع المدنيين في غزة يبلغ مستويات غير مسبوقة ويهدّد باتساع رقعة انتشار الأمراض بفعل انعدام الأمن الغذائي.

وأبرز الأورومتوسطي استمرار قيود الاحتلال الواسعة على إدخال الإمدادات الإنسانية إلى مناطق واسعة في قطاع غزة، لاسيما مدينة غزة وشمالها، وحصر توزيعها تقريبًا على مدينة بأقصى جنوب قطاع غزة، في وقت تدفع فيه لنزوح إضافي لعشرات آلاف الفلسطينيين إلى المدينة.

ونبّه التقرير، إلى أن دولة الاحتلال تصر على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي وتحذيرات الأمم المتحدة المتكررة على استخدام التجويع كأداة حرب في قطاع غزة والاستهداف المتعمد لعمال الإغاثة الذين لا ينبغي أن يكونوا هدفًا أبدًا.

وشدّد على أن وقف إطلاق النار الدائم في قطاع غزة ورفع كافة القيود الصهيونية على حركة تدفق الإمدادات الإنسانية، بما في ذلك تمكين المجال الإنساني لتقديم المساعدة متعدّدة القطاعات هي خطوات أولى حيوية للقضاء على أي خطر للمجاعة.

كما أكد المرصد، أن قوات الجيش الصهيوني، تواصل قتل الفلسطينيين خلال انتظارهم استلام المساعدات جنوبي مدينة غزة، في وقت تتفشى فيه المجاعة شمالي القطاع؛ ما يؤكد الإصرار على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد السكان المدنيين في القطاع منذ السابع من أكتوبر.

وأوضح الأورومتوسطي، أنه وثّق استخدام الجيش الصهيوني قذائف المدفعية لاستهداف المئات من المدنيين الجوعى الذين تجمعوا على طريق صلاح الدين قرب دوار الكويت بجنوب شرقي مدينة غزة، بانتظار شاحنات للأمم المتحدة تحمل مساعدات محدودة، ما أدى إلى عدد من القتلى والجرحى.

وأشار إلى أن فرقه الميدانية وثّقت استمرار الجيش الصهيوني في إطلاق قذائف مدفعية وأعيرة نارية واستخدام طائرات مُسيّرة من نوع “كواد كابتر” في استهداف وقتل مئات المدنيين الجوعى، الذين يتجمعون رغم الخطر الشديد أملًا في استلام حصص محدودة من المساعدات.

ولفت المرصد إلى أن الجيش لا يكتفي باستخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب ضد الفلسطينيين في شمال وادي غزة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، بل يواصل قتلهم وإصابتهم خلال محاولتهم الحصول على مساعدات محدودة بدأت تصل منذ نحو 10 أيام، في تكريس لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد السكان المدنيين في القطاع.

وقال “م. ف”، (46 عامًا): “لديّ 5 أبناء يتضورون جوعًا منذ أكثر من شهر، ولا يوجد لدنيا أي كمية طحين، نتناول يوميا القليل من الأرز، وعندما سمعت بوجود مساعدات من الطحين، مشيت 13 كلم وفوجئت بإطلاق النار من الجيش الإسرائيلي، لقد أطلقوا تجاهنا قذائف وكان هناك قتلى وجرحى، نجوت ولم أحصل على أي طحين”.

وبيّن المرصد الأورومتوسطي، أن نحو 400 ألف فلسطيني ما زالوا في شمال وادي غزة، يعيشون مجاعة حقيقية نتيجة الحصار الخانق، ومنع الاحتلال وصول أي مساعدات إلى المنطقة منذ الأول من ديسمبر الماضي، حتى أن بعضهم اضطر لطحن أعلاف الحيوانات وخلطها بالذرة لعجنها وأكلها، وبعضهم اضطر لأكل أوراق الشجر.

وشدّد المرصد الحقوقي على أن المعطيات التي وثقها فريقه على الأرض، تؤكد أن إسرائيل تستخدم التجويع كأداة من أدوات الحرب والضغط السياسي ضد المدنيين الفلسطينيين، وهو ما يندرج ضمن جريمة الإبادة الجماعية، ويتطلب تدابير عاجلة لتمكين الفلسطينيين من الحصول على الطعام والشراب ومجمل احتياجاتهم الأساسية دون عوائق أو استهداف أو ترهيب.

وجدّد الأورومتوسطي تحميل الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية المسؤولية عن القصور والعجز في إيصال المساعدات الإنسانية بشكل لائق ومناسب، لمئات آلاف السكان الذين يعانون جوعًا حقيقيًّا للشهر الرابع على التوالي، وكذلك صمتها إزاء قتل الجيش الإسرائيلي مدنيين خلال محاولتهم استلام المساعدات.

مقالات ذات صلة