الجزائر
في مبادرة أطلقها مؤرخ فرنسي للبحث عن الحقيقة

الأرشيف المنهوب يحيي قضية مفقودي الثورة الجزائرية

محمد مسلم
  • 1833
  • 0
أرشيف

في منشور له على شبكة التواصل الاجتماعي، فيسبوك، أطلق المؤرخ الفرنسي، فابريس ريسيبوتي، مشروع “آلاف آخرون من موريس أودان”، وهو يشير هنا إلى أن الآلاف من الجزائريين من أمثال الثائر موريس أودان، الذين خطفوا من قبل الجيش الفرنسي ولم يعثر لهم على أثر إلى غاية اليوم، وقد حان الوقت للنبش في مصيرهم أملا في تحديد هوياتهم والوصول إلى رفاتهم.

ويهدف المؤرخ الفرنسي من وراء هذه المبادرة إلى جمع معطيات وتفاصيل من العائلات الجزائرية التي فقدت واحدا من أفرادها أو أكثر خلال الثورة التحريرية، ولاسيما في العاصمة، حيث فعل مظليو الجنرال الدموي، جاك إيميل ماسو، الأفاعيل ولاسيما في بداية العام 1957، فيما عرف بإضراب الثمانية أيام (من 24 جانفي إلى 04 فبراير)، وهي الاعتداءات والاغتيالات التي تحولت إلى فضيحة سياسية في فرنسا.

وكتب فابريس ريسبوتي في حسابه الخاص على شبكة التواصل الاجتماعي، فيسبوك: “في بداية عام 1957، بينما كانت جبهة التحرير الوطني تستعد لإضراب لمدة ثمانية أيام لحشد الدعم الشعبي للثورة، منحت السلطات الفرنسية مظليي الجنرال ماسو جميع سلطات القمع (الذي سلط) على سكان الجزائر العاصمة ومنطقتها”.

وأضاف المؤرخ في منشوره: “لقد تضاعفت عمليات الاختطاف بسرعة في جميع أنحاء البلاد. في منطقة الجزائر، أهالي المخطوفين لا يعرفون شيئا عن سبب ومكان اعتقالهم ومصيرهم، وهذه الاختفاءات القسرية أودت بحياة الآلاف، ومن بينهم (العربي التبسي، وريدا مداد، والعربي بن مهيدي، علي بومنجل، موريس أودين) لكن معظمهم يظل مجهول الهوية”.

هذه القضية معروفة وقد نالت الكثير من الاهتمام والبحث من قبل المؤرخين الجزائريين والفرنسيين، لكن ما هو السبب الحقيقي الذي يقف وراء إقدام المؤرخ ريسبوتي، على إعادة بعث هذه القضية إلى الواجهة في هذا الظرف بالذات؟

ويؤكد المؤرخ الفرنسي هنا أنه توصل إلى معلومات جديدة حول هذه القضية، استقاها من الأرشيف الفرنسي الذي كان مغيبا وممنوعا على المؤرخين الاطلاع عليه، بسبب القوانين الفرنسية، التي ظلت على مدار السنوات الأخيرة محل تجاذب كبير بين الرؤساء الفرنسيين، بداية من الرئيس الأسبق، نيكولا ساركوزي، ووصولا إلى الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، الذي يأمل في لعب دور مهدئ حرب الذاكرات بين الجزائر وفرنسا.

ويقول ريسبوتي: “بناءً على ما تم اكتشافه في الأرشيف الجديد (المتاح أخيرا)، أطلق مشروع(Milles autres Maurice Audin)، ومن خلاله أوجه نداء للشهود، لجميع العائلات التي اختطف الجيش الفرنسي أفرادها في عامي 1957 و1958 في مقاطعة الجزائر في ذلك الوقت”.
ووفق ما جاء في المنشور، فإن “الاتصال بالعائلات يجعل من الممكن تسليط الضوء على البحث الذي أجروه منذ عام 1957، لجمع رسائلهم وصورهم، بهدف وضعها على الإنترنت وإبلاغهم بالوثائق المكتشفة في الأرشيف الفرنسي المتاح. وهكذا لا يعود المختفون مجهولين، بل لديهم أسماء ووجوه وقصص”.

وفي إحالة له، تحدث المؤرخ المعروف بمناهضته للممارسات الاستعمارية، عن مناضلين آخرين كان مصيرهم قريبا من مصير الشهيد العربي بن مهيدي، مثل المناضلة جميلة بوحيرد، وهنري علاق، اللذين نجيا، كما قال، لكن ثمة الآلاف من الحالات الأخرى التي استهدفت جزائريين وجزائريات عاديين دون أن يُحدث تعذيبهم أو اختفاؤهم صدى خارج حلقاتهم العائلية وأقاربهم، الأمر الذي ترك أسماءهم وأعدادهم مجهولة إلى يومنا هذا.

وتحدث ريسبوتي عن قائمة غير مكتملة تم العثور عليها في الأرشيف الفرنسي والتي تتناول أسماء أشخاص تم القبض عليهم من قبل الجيش ومبحوث عنهم من قبل عائلاتهم في عام 1957، ولذلك جاء دعوته للإدلاء بشهادات من أجل التعرف على جميع أولئك الذين تعرضوا للاختطاف في الجزائر العاصمة من قبل المظليين في عام 1957، سواء نجوا أم لا، وذلك بتحصيل كل ما توفر من مستندات وصور من العائلات التي تود مشاركتها معنا من أجل الإشهار بتاريخ هؤلاء المفقودين المجهولين والإقرار به.

مقالات ذات صلة