الرأي

ارحموا “تاريخ” الأفلان !

قادة بن عمار
  • 5710
  • 5

حالة السلبية التي يوجد عليها حزب جبهة التحرير الوطني تمثل تعبيرا حقيقيا عن الأداء السياسي الهزيل في البلاد، فالحزب العتيد يمثل بالنسبة لكثيرين “بارومتر” العمل الحزبي، وهو صاحب الأغلبية “المزعومة” في كل الاستحقاقات، كما أن مشاكله دفعت بالجزائريين إلى الشعور بإحباط أكبر نتيجة غياب البدائل أو البرامج قبل أسابيع قليلة عن موعد المحليات.

هذه السلبية تضخمت أكثر بصعود جمال ولد عباس، بصدفة مرتبة، إلى موقع الأمين العام وقد سمعنا هذا الأخير يقول في آخر تصريحاته للصحفيين على هامش افتتاح البرلمان: أخدموا خدمتكم وخلونا نخدموا على أرواحنا!! وكأن الأمر يتعلق بورشة إصلاح سيارات، أو “باركينغ” عشوائي وليس بساحة سياسية تتقاطع فيها الأفكار قبل الشعارات والمصالح الشخصية!

هذه الحالة “المتعفنة” حذر منها القيادي البارز عبد الرحمن بلعياط حين قال إن وضعية الأفلان وإن استمرت هكذا ستؤدي به إلى زوال حتمي، مرددا من موقع العارف ببواطن الأمور، أن القضية لا تتعلق بنتائج الانتخابات المقبلة “فالفوز مضمون لكن الحزب ليس بخير” !

السؤال: لماذا لا تستمع السلطة إلى بلعياط؟ ولماذا تحتفظ بجمال ولد عباس حتى الآن رغم كل “خرجاته العشوائية” على رأس الحزب العتيد وآخرها ما سماه “مفاجأة توقيع الرئيس على قرار استدعاء الهيئة الناخبة” حيث تناقل الجميع تلك التصريحات بكثير من الغرابة والاشمئزاز؟ أم أن هنالك من يريد للأفلان أن يبقى هكذا، مشردا بين قيادات لا تهتم سوى بتنفيذ مصالحها الخاصة، بعيدا عن أفلان عبد الحميد مهري أو حتى محمد الشريف مساعدية الذي كان يقارع السلطة من داخل السلطة؟!

قبل فترة، سافر الأمين العام السابق عمار سعداني إلى الصين محاولا نقل تجربة الحزب الحاكم هناك للجزائر، لكن الأمر انتهى إلى نتيجة واحدة وهي استحالة أن يكون “أفلان الجزائريين” بنسخته الرديئة حاليا، شبيها بالحزب الشيوعي الصيني، لعدة أسباب أهمها:

في بكين، يحكم الحزب هناك منذ أزيد من 7 عقود أو أكثر، بلدا يضم خُمس سكان العالم، وينتمي إليه 88 مليون مناضل ومع ذلك لا تحدث فيه مشاكل كتلك التي تحدث بالأفلان قبل الانتخابات من البلطجة والاعتداءات وتزوير القوائم وصراعات المحافظات!

الحزب الشيوعي يحمل مرجعية ماركسية ماوية صحيح، لكنه يتبنى رأسمالية الدولة، وقد قال الرئيس الصيني يوما بمناسبة احتفال الحزب بذكرى  تأسيسه: “إن التاريخ اختار الحزب الشيوعي ليحكم الصين لكن إن لم يتمكن المسؤولون فيه من إدارة الحزب على النحو الملائم ويستمعوا للناس فسينبذهم التاريخ ويتخلص منهم الشعب”!

ونكاد نسمع الجمل ذاتها تترد بالنسبة للأفلان، فالتاريخ وحده من اختار هذا الحزب ليكون قدر الجزائريين ما بعد الاستقلال، لكن وبعدما تبين عجزه وإخفاقه عن حكم مناضليه والتحكم في قواعده، فالأفضل له ولنا، أن يخرج من التاريخ ومن واقع الجزائريين بأقصى سرعة وبأقل الخسائر الممكنة!

مقالات ذات صلة