-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
خبراء يدافعون عن الإجراءات الحكومية لضبط عملية الاستيراد

احتجاجات الإتحاد الأوروبي على الجزائر غير قانونية!

إيمان كيموش
  • 15333
  • 0
احتجاجات الإتحاد الأوروبي على الجزائر غير قانونية!
أرشيف

في مواجهة الاتهامات المتكررة من الاتحاد الأوروبي بفرض قيود على صادراتها نحو الجزائر، يؤكد متخصصون في الاقتصاد أن الإجراءات المتخذة من طرف السلطات الجزائرية الخاصة بضبط عملية الاستيراد مجرد خطوات مشروعة لحماية اقتصادها ومنع النزيف غير المبرر للعملة الصعبة مقابل وجود منتج محلي منافس وذا جودة عالية، حيث أنه ومنذ توقيع اتفاقية الشراكة بين الطرفين سنة 2005، التزمت الجزائر بفتح أسواقها أمام السلع الأوروبية، إلا أن الاتحاد الأوروبي لم يفِ بوعوده في نقل التكنولوجيا والاستثمار الحقيقي.
وبالموازاة مع مزاعم الإتحاد الأوروبي بشأن وجود قيود حول صادراتها من السيارات والمنتجات الفلاحية نحو الجزائر، كشفت السلطات الجزائرية في مرات سابقة أن الاتفاقية كانت غير عادلة ومجحفة بحقها، وطالبت مرارا بمراجعتها بما يحقق مصلحة متبادلة للطرفين، بعيدًا عن الاستيراد العشوائي الذي يضر بالاقتصاد المحلي.
وفي السياق، يصف الخبير الاقتصادي مراد كواشي في إفادة لـ”الشروق” الاحتجاجات المتتالية للإتحاد الأوروبي على ما تسميه المفوّضية بـ”القيود التي تفرضها السلطات الجزائرية على استيراد السيارات والمنتجات الزراعية”، بـ”مجرّد شكاوى غير مؤسسة من الناحية القانونية، واحتجاجات واهية”، بحكم أن اتفاق الشراكة الذي يربط الجزائر بالإتحاد الأوروبي منذ ما يربو عن 20 سنة، تضمّن بنودا صارمة تنصّ على ترخيص الجزائر باستيراد السلع الأوروبية وعبورها لأراضيها، وتسهيل ذلك جمركيا وجبائيا، مقابل قيام الأوروبيين باستثمار رؤوس أموالهم في الجزائر، ونقل التكنولوجيا وتسهيل حركة تنقل البشر، وهي العناصر التي لم تتحقّق.
ويشدّد المتحدث على أنه وبعد مرور 20 سنة عن هذه الشراكة، تم تسجيل حصيلة سلبية من الطرف الجزائري، حيث تتكبّد الخزينة العمومية خسائر بمليارات الدولارات سنويا، قدرت مؤخرا بـ30 مليار دولار، ودخول منتجات فاقت قيمتها 200 مليار دولار للسوق الجزائرية منذ دخول الاتفاقية حيز التطبيق، بسبب الإعفاءات التي تقدّمها للسلع والبضائع الأوروبية، في حين أنه وفي الجهة المقابلة لم تكن هناك استثمارات أوروبية فعلية ولا نقل للخدمات والتكنولوجيا.
ويضيف كواشي: “بالرغم من ذلك، لم تضيّق الجزائر على السلع الأوروبية، عكس ما يتمّ الترويج له، حيث أن سياسة تنظيم الاستيراد الجديدة التي باشرتها السلطات منذ 4 سنوات لم تشمل حصريا الإتحاد الأوروبي وإنما كافة الدول المورّدة للجزائر”.
ويؤكّد كواشي أن هذه الإجراءات تهدف لتنظيم عملية الاستيراد وترشيد النفقات وليس توقيف الواردات، حيث يظل الإتحاد الأوروبي إلى اليوم شريكا رئيسيا للجزائر وأهم الموردين للسلع التي تدخل الموانئ الجزائرية، كما تظل العلاقات التجارية بين الطرفين ممتازة، إذ أوفت الجزائر بكافة التزاماتها الطاقوية اتجاه الإتحاد الأوروبي، في حين أن ما تبحث عنه بلادنا اليوم هو تنظيم علاقاتها التجارية وفق مبدأ رابح – رابح، ومنع أن تكون السوق الجزائرية مجرد “فضاء ضخم” لتصريف فائض المنتجات الأوروبية، وهو الأمر المرفوض من طرف السلطات الجزائرية.
وأوضح الخبير أن الجزائر في مرحلة مضت كانت تتيح استيراد كل شيء، ولو على حساب المنتج المحلي، أما اليوم فالوضع مختلف، حيث تتم عملية الاستيراد بطريقة منفتحة ورشيدة في نفس الوقت، وهو ما يتوجّب على الأوروبيين استيعابه، وتقبّل أن الجزائر لم تعد في موقف ضعف، فالظروف تغيّرت والأوضاع أيضا، لذلك تسعى بلادنا لحماية مصالحها، وتعدّد شركاءها، عبر إقامة علاقات مع الصين وتركيا وروسيا ودول أخرى، أما الإتحاد الأوروبي، فهو ملزم للحفاظ على مكانته بالاستثمار في الجزائر، والوفاء بالتزاماته المتعلقة بنقل التكنولوجيا.

الجزائر لم تمنع الاستيراد وإنما قامت بتأطيره
من جهته، يشدد الخبير الاقتصادي الهواري تيغريسي على أن الإتحاد الأوروبي الذي يتحدث عن مظالم تخص العملية التجارية مع الجزائر، ترتبط بالدرجة الأولى بالمنتجات الفلاحية والسيارات، ملزم اليوم بتفهم أنه من حق الجزائر اتخاذ إجراءات حمائية للدفاع عن اقتصادها، وعدم العودة إلى الاستيراد المتوحش وغير المبرر الذي بلغت فاتورته 63 مليار دولار قبل 10 سنوات.
ويشدد العضو السابق للجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي في حديث لـ”الشروق” على أن السلطات العمومية توصلت لتخفيف هذا العبء الذي كانت تتحمله الخزينة بخفض الواردات إلى ما يتراوح بين 40 و43 مليار دولار في السنوات الأخيرة، حيث أن التخوف الذي كان موجودا بعد اتخاذ قرار بالإنتاج بدل الاستيراد من الخارج بدأ يزول اليوم، لاسيما بالنسبة لمنتجي المواد الفلاحية، على غرار منتج التفاح مثلا، حيث تؤسس اليوم الدولة الجزائرية لمنظومة حقيقية لإحلال الواردات وتطوير المنتج الوطني، إذ يتم الحديث عن استراتيجية تطوير القمح على سبيل المثال، حيث يمكن التفاوض هنا على سبيل المثال مع الإتحاد الأوروبي لإنتاج القمح في الجزائر.
وأشاد تيغريسي بقرار الحكومة بمراجعة مضمون الاتفاق وتحيينه، وإعادة التفاوض من جديد حول العديد من النقاط لإيجاد حلول منطقية ومقبولة من الطرفين، ببناء شراكة قائمة على مبدأ رابح – رابح، حيث سبق وأن أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون “لا نريد الاستدانة من أي دولة أو صندوق”، إذ يشدد تيغريسي على أنه لتحقيق هذا الغرض يجب العمل بثبات على تطوير المنتج المحلي والتخلص من نزيف العملة الصعبة نحو الخارج.
ويرى المتحدث أنه يجب اليوم تنويع الدول الموردة للجزائر والشراكة مع الدول ذات الحركية الاقتصادية في آسيا، واستقطاب تكنولوجيتها وتحقيق الشراكة معها، على غرار الصين والفيتنام ودول أخرى، أما الاكتفاء بمجرد التفاوض مع الإتحاد الأوروبي، فهذا لن يعمل على ترقية الاقتصاد الوطني وتطويره.
ويقول تيغريسي أن الإتحاد الأوروبي ملزم بمراجعة ثلاث نقاط أساسية وهي تحويل التكنولوجيا، واستغلالها صناعيا، حيث لم تكن هناك نية سابقا للإتحاد الأوروبي لنقل التكنولوجيا.
أما النقطة الثانية فهي تحقيق استثمارات حقيقية، ونقل رؤوس الأموال للجزائر، وتتضمن النقطة الثالثة حرية التنقل البشري، حيث لم تتجسد هذه النقطة لليوم، لاسيما في مجال منح التأشيرة والبحث العلمي بالنسبة للجزائريين.
ويرى الخبير أن طريقة التفاوض مستقبلا ستكون لفائدة الجزائر عبر تفعيل هذه المذكرات الموجودة في الاتفاق، مشيرا إلى أن الانتقاد الأخير ما هو إلا صيحة من صيحات الإتحاد الأوروبي، الذي هو مدرك لحجم العجز الذي تعاني منه دول القارة ورغبتها في بقاء الجزائر سوقا لمنتجاتها.
وألح المتحدث على أهمية التركيز مستقبلا على تطوير الإنتاج المحلي وتفعيله، وعدم الالتفات لشكاوى الإتحاد الأوروبي، الذي رغم كل الانتقادات، فالشراكة الاقتصادية الجزائرية الإيطالية على سبيل المثال تعيش أحسن مراحلها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!