الرأي

اتفاق أم نفاق؟!

قادة بن عمار
  • 5140
  • 14

ليس سرا القول أن الرئاسيات التي عشناها في الفترة الماضية لم تكن عادية بكل المقاييس، وليس جديدا التنبيه إلى أن ما سنعيشه في قادم الأيام لن يخرج عن كونه نتائج متوقعة لحالة العبث السياسي التي تتخبط فيها البلاد، وما العهدة الرابعة سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد!

حالة العبث هذه دفعت المعارضة المصابة بالفقر والهُزال لأن تعارض الرئيس بلغة المرض وحده دون أيّ بوصلة حقيقية أو برنامج بديل.. ومن دون التعمق في المسار السياسي للنظام، بكل عيوبه وسلبياته.. علما أنها الحالة المزمنة ذاتها التي جعلت من فريق الرئيس يلعبون بالنار دفاعا عن العهدة الرابعة، حيث لم يعثروا على مبرر أقوى من ترهيب الناس بتذكيرهم بما عايشوه من دم ودمار خلال العشرية الحمراء والعياذ بالله !

حاليا.. هنالك شبه اتفاق، أو نفاق، بين هؤلاء وأولئك على الاستمرار في لعب الأدوار المسموح بها دون تجاوز للحدود الموضوعة.. ما يمكن أن نسميه بلغة كرة القدم “ربح مزيد من الوقت وإضاعته” في سبيل الحفاظ على النتيجة، طالما أنها لن تغيّر شيئا، لا بالنسبة للخاسر ولا حتى بالنسبة للرابح!

الفتوى الأخيرة التي أصدرها من يطلق على نفسه شيخا سلفيا في مصر (ياسر برهامي) بخصوص جواز التخلي عن الزوجة وتركها تُغتصب تفاديا للهلاك، جعلتني أخمّن أن قِسما كبيرا من الشعب طبّق هذه الفتوى، لكن بطريقة مغايرة.. حيث تم التخلي عن البلد لصالح طبقة معينة ابتعادا عن المواجهة المميتة، بل تم ترك الجزائر تُغتصب مجددا تفاديا للهلاك الجماعي!!

وقبل أن ينتفض البعض مصنّفا كلامي هذا، ضمن خانة الترويج لتلك الفتوى الشاذة التي أطلقها هذا الشيخ الأرعن، فإنني وبعيدا عن نصها الأصلي، (المرفوض شرعا وأخلاقا) لا أجد مهربا لتأكيد حجة استعمال المعنى، سوى الاستشهاد بما قاله سلال خلال الحملة الانتخابية من أن بوتفليقة تزوّج الجزائر!

ولأننا تعلمنا في المدارس منذ الصغر أن الجزائر هي أمّنا جميعا، فإن فخامة الرئيس تزوج (أمنا) دون علمنا!!.. ومن غير حصوله على الموافقة الكاملة سوى من طرف عدد قليل جدا ومحدود من الأبناء البررة.. فقد صوت له 8 ملايين من الهيئة الناخبة، أي 22 بالمائة فقط من مجموع الشعب الجزائري (37 مليون نسمة) ما يجعل الزواج شبه باطل حتى وإن كان علنيا وبشهود من لجنة بوطبيق وبفتوى من طرف الشيخ غلام الله الأرنداوي!

لكن وبعيدا عن الزواج والطلاق.. وحتى الخلع.. فإن الأرقام المذكورة آنفا، مخيفة جدا، وعلى الرئيس ومن معه الانتباه إليها جيدا.. فهي تعكس العبث السياسي الذي عشناه، ليس من جانب السلطة وحدها، لكن أيضا من جهة المعارضة، هذه التي ابتلانا الله بها، فلا نجد مفرا من بؤسها وإفلاسها وفقر مناضليها ورداءة خطابها!

انها ذات المعارضة التي تدفع الشعب لقبول مصيره والتعامل مع بوتفليقة على أنه قدرنا جميعا.. خصوصا عندما ننتظر من دعاة مكافحة التزوير ومراقبة الصناديق كل هذا الوقت في سبيل إظهار صورة واحدة لعمليات التزوير التي يقال أنها فاضحة، ثم لا نجد منهم سوى التهليل والتكبير والاستغاثة والإدانة!!

مقالات ذات صلة