ابنة صاحب اللاز تكشف للشروق وطار تنبأ بموجة الراي يعشق بقار حدة وفيروز وتحدى الحاصلين على الشهادات العليا
ترددت ابنة الروائي الطاهر وطار قليلا، قبل قبول محاورتنا وأكدت أنها المرة الأولى التي تتحدث فيها للصحافة. خافت ربما ألا تقول ما يجب أو أن تقول ما لايجب في حق والدها شيخ الروائيين الذي كانت قرةَ عينه اثنان “سليمة والجاحظية”. ولكن أسئلتنا لم تخرج عن فضول التعرف عن عمي الطاهر الإنسان والأب والجد والصديق، فما كان من سليمة إلا أن لبّت دعوة هذا اللقاء الذي تزامن مع مرور أربعين يوما على فقدان صاحب “اللاز” الذي سيظل حيا في قلوب وعقول كل من عرفوه أو قرأوا له.
-
تفتقد أسرة فقيد الساحة الثقافية لبعض المواقف والتصرفات التي طالما ميزت الروائي الطاهر وطار وصنعت يومياته وبهجة بيت العائلة..هل تستطيع ابنته سليمة تذكر أهمها؟
-
أبي.. ذلك العظيم الذي ملأ الفراغ اهتماما به وأتذكر اليوم أجمل لحظات حياتي معه، حبه الكبير لأطفالي واهتمامه بي وتتبعه لكل صغيرة وكبيرة في حياتي، أبي هو ذلك الشاوي بكل عمق، ابن المدارس الدينية بكل فخر، ابن الثورة بكل اعتزاز، العصامي الذي يقول لي دائما “كوّنت نفسي بذراعي ” يتحدى الكبار من الحاصلين على الشهادات .
-
-
كيف كان شيخ الروائيين يتعامل مع محيطه وعائلته؟
-
كان أبي شخصا شفافا وتلقائيا ومتواضعا، ولكن منذ اللحظات الأولى في التعامل معه يفرض على الآخر احترامه. وكان لأبي علاقة خاصة ومميزة مع “نانا” (والدته رحمها الله)، فبالرغم من بعد المسافة حيث كانت تسكن بمدينة عنابة، إلا أننا كنا نقضي معها كل الأعياد وكان دائم الاتصال بها لمعرفة كل أخبارها .
-
-
خارج فضاء الكتابة، ماهي أهم اهتمامات عمي الطاهر – رحمه الله – ؟
-
عمك الطاهر كان يستمع إلى كل الموسيقى الجزائرية وخاصة عيسى الجرموني وبڤار حدة ويحفظ لهؤلاء الكثير من الأغاني. وتنبأ في التسعينات بأن مستقبل الأغنية الجزائرية سيكون عن طريق أغنية الراي. فهو يستمع أيضا لأغاني الشاب خالد، إضافة إلى أغاني أم كلثوم وفيروز وطبعا الشيخ إمام .
-
-
ما هي الألوان التي كان يتفاءل بها ويحب أن تكون في لباسه أو في ديكور المنزل؟
-
أبي كان يختار ألوان ملابسه حسب حالته النفسية وبيتنا بسيط جدا . عند دخولك إلى البيت ومنذ الوهلة الأولى تكتشفين أنك في بيت فنان وصاحب ذوق، فلكل لوحاته الفنية علاقة وقصة ودلالة .
-
-
هل سبق وكشف لكم عن كتاباته قبل نضجها أو باح لكم عن أسرار رواياته؟
-
تعيش القصة في ذهن أبي سنوات قبل أن تصبح جاهزة للكتابة ويكون ذلك على نفس واحدة ودائما خارج البيت. ففي منزل شنوة كتب “الشمعة والدهاليز” و”أراه” و”الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي” و”الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء”، أما عن “قصيدة في التذلل” فقد كتبها في باريس، جزء منها في مستشفى القديس أنطوان، حتى أثناء حصص العلاج الكيميائي لم يتوقف عن الكتابة .
-
-
هل زار عمي الطاهر ” شنوة ” قبل وفاته؟
-
كنت سأذهب مع أبي لقضاء عطلته الصيفية كعادته في منزل شنوة، ولكن الموت كانت أسرع، كان أبي يقضي في منزل شنوة كل عطلة صيف “طبعا بعد اختتام الموسم الثقافي في الجاحظية”، حيث يستقبل أصدقاؤه ويحتفل بعيد ميلاده أيضا في شنوة “15 أوت”، وكان يحب كثيرا سكان شنوة كان يقول لي دائما ” إنهم أناس طيبون وكان يحدثهم بالشنوية” .
-
-
كان قد أخبرني في فترة مرضه عن مشروع انتخاب رئيس جديد للجاحظية وعن أمله في انتهاء الأشغال بالمقر … هل من جديد في هذا الصدد؟
-
الجاحظية ..كانت ابنته الثانية، وهو يعالج في باريس لم ينقطع عن الجاحظية يوما واحدا. كان على اتصال دائم مع سكرتيرته “نسيمة” ليشرف على كل صغيرة وكبيرة في جاحظيته. من برمجة الأنشطة الثقافية إلى طبع العدد الأخير لمجلة “التبيين” يقظة المراقب.
-
بعد عودته من فرنسا جهز الجاحظية بمكتبة في الطابق العلوي، كما أشرف على انتهاء أشغال لقطع سيلان سقف مقر الجاحظية. قال عمك الطاهر في كلمة ألقتها رقية يحياوي لاختتام الموسم الثقافي للجاحظية السنة الفارطة “إن الحفاظ على جمعية فاعلة مدة 20 سنة ليس بالأمر الهين”. فمن كان منكم غيورا على هويته وعدوا لدودا للتعصب فليعتبر أن الجاحظية أمانة في عنقه .