-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إنَّ غدا لناظره قريب

عمار يزلي
  • 274
  • 0
إنَّ غدا لناظره قريب

كل المؤشرات تشير إلى أن الاقتصاد الجزائري، وبعد نحو أقل من ثلاث سنوات فقط على خروج العالم من جائحة كورونا، ومن خروجنا نحن من دائرة الضيق والخطر السياسي والأمني والاقتصادي الذي كان يتربّص بنا لسنوات داخليا وخارجيا، بات اليوم اقتصادا تنافسيا، وعلى طريق التحول إلى اقتصادي نامٍ ينافس كبريات الاقتصاديات في إفريقيا والمنطقة العربية.

الأمر لم يكن سهلا، لتشابك المتغيرات وللإرث الثقيل للمنظومة السياسية والاقتصادية في بلادنا، حتى إن رئيس الجمهورية بنفسه قال أكثر من مرة، إننا لم نكن نملك اقتصادا بالمفهوم العلمي والعالمي للاقتصاد، كنا نملك نفطا وعائدات نفطية فقط، نبيع النفط لنشتري كل شيء من الأكل إلى الشرب إلى لباس النوم، تماما مثل أي موظف ينتظر أجرته ليصرفها كل شهر وقد ينهيها في منتصفه أو في أوائله، وأحسنهم حظا من يُكمل بها الشهر وأسوأهم من يضطر إلى الاستدانة، وهذا ما كانت عليه الحال معنا: بحسب سعر النفط في الأسواق، يكون الدخل، لكن غالبا ما تكون النفقات أكثر، بسبب الفساد وعدم ترشيد الاستيراد وعدم وجود اقتصاد وهياكل ومؤسسات اقتصادية كبرى تنافسية مصدِّرة أو على الأقل تغني عن الاستيراد. هذا، يقول رئيس الجمهورية لأنه لم يكن عندنا اقتصادٌ فعلي. لكن اليوم، باتت عندنا قاطرة لمقطورات لاحقة هي على السكة.

بمجرد أن وُضعت القاطرة على السكة وربطت بها أولى المقطورات، ستجر القاطرة والمقطورات الأولى كل المقطورات والمقصورات اللاحقة، بفعل ترابط وتشابك وتفاعل المؤسسات الاقتصادية من الإنتاج الرئيسي إلى لواحق المناولات إلى الصناعات التحويلية الفلاحية، كلها تصبُّ في المصبّ نفسه: رفع القدرة الانتاجية من أجل ضمان الاكتفاء الذات في كثير من المنتجات لتقليل نفقات الاستيراد، ورفع قيمة الدينار تباعا بفعل التصدير. ومع ارتفاع العملة المحلية، سيكون اقتصادنا في آفاق 2030، أحد أهم اقتصادات المنطقة بمن فيها المنطقة المتوسطية. هذا المنحى الذي سرنا عليه، وصرنا فيه، كان خيارا قويا ووطنيا لرئيس الجمهورية، هاهو يكلَّل اليوم ببوادر نجاح، ستحقق نجاحات مستقبلية لم يسبق لها مثيل.

يحق لنا اليوم، ونحن نشارف على الاحتفال بعيد الاستقلال، أن نفتخر بما أنجزناه وفي ظرف قصير قياسي، من خطوات في كل المجالات، بمن فيهم الاقتصادية.

غير أن التحوُّلات والضغوط العالمية والإقليمية والإكراهات السياسية، سترغمنا على عمل أكبر وأقوى لتجاوز الأحابيل والتكتلات المناهضة لمحاولة فرملة خروج كثير من اقتصادات ما كان يسمى دول العالم الثالث، نحو مصاف البلدان النامية، وسط تغول العالم الرأسمالي ذي الخلفية الاستعمارية، لاسيما فرنسا مع صعود قوى اليمين المتطرف.

سيكون لزاما علينا أن نرفع التحدي لخمس سنوات مقبلة أخرى على درب المواصلة والاستمرار في نهج ترسيخ الاستقلالية الوطنية الأمنية الغذائية والسياسية، ورفع التحدي من أجل بلوغ المكانة التي كان على الجزائر، جزائر الثورة والشهداء وجيل نوفمبر، أن تكون من أغنى الدول في المنطقة كلها، إفريقيا وعربيا وإقليميا ومتوسطيا.

لم يكن الحال كذلك، لأسباب كثيرة، لكن اليوم، ونحن نخطُّ طريقنا على درب الإصلاح الشامل، سنعرف كيف نربح المسافات الطويلة الزمنية في وقت قصير بتكريس إرادتنا الوطنية والتغلب حتما على كل المعوقات والفرامل المناوئة داخليا وخارجيا وسنخرج بقوة تنافسية قوية في أقل من خمس سنوات مقبلة.

انتخابات السابع من سبتمبر، ستدشِّن حتما مسارا لقطار كهربائي طويل المسافات، وسنرى خلال الفترة القصيرة والمتوسطة المقبلة، قطار الاقتصاد الجزائري يشق الصحاري والهضاب وسط شبكة اقتصادية تنافسية قاريا وعربيا ومتوسطيا. وإن غدا لناظره لقريب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!