-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إعلانٌ عن هزيمة حماس!

حسين لقرع
  • 2019
  • 0
إعلانٌ عن هزيمة حماس!

من النُّكت السياسية السمجة التي يردّدها الاحتلال الصهيوني في الأيام الأخيرة أنّه يستعدّ للإعلان قريبا عن نهاية العملية العسكرية في رفح وهزيمة حماس في غزّة كلّها، ومن ثمّة بداية المرحلة الثالثة من الحرب بالتركيز على عمليات قصف جوي مكثف وتوغّل سريع ومركَّز لمناطق متفرّقة بالقطاع، وتوقّع الكاتبُ الصحافي الصهيوني مارتين أولينر أن يعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بنفسه “انتصار إسرائيل في حربها على حماس” خلال خطابه أمام الكونغرس الأمريكي في شهر جويلية القادم!
في الواقع، لا أحد يمنع نتنياهو أن يعلن ما يشاء ويردّد ما يحلو له، لكنّ الوقائع على الميدان في غزة تؤكّد العكس تماما؛ فالمقاومة صامدة وتنصب الكمائن الناجحة لجنود العدو وتقتلهم يوميا أو توقع عشرات الإصابات، وتفجّر آلياتهم العسكرية، كما كان الأمر في الأسابيع الأولى للحرب أو أكثر، وكبار قادة القسام وحماس سالمون معافون ولم ينجح الاحتلال في الوصول إليهم، ونحو 80 بالمائة من الأنفاق لا تزال سليمة، ومنها ينطلق المقاومون الأشاوس لتنفيذ عملياتهم اليومية ضدّ جنود العدوّ، وإذاعةُ جيش الاحتلال تعترف بأنّ حماس قد عادت لتبسط سيطرتها على معظم أنحاء غزة وعناصرُها ينتشرون في الشوارع ويفرضون الأمن، وهي تجنِّد المزيد من الشباب فوق سن الـ18 وتدرّبهم للقتال في صفوفها، ومجلة “فورين أفّارز” الأمريكية العالمية الشهيرة أكّدت أنّ حماس عادت ورمّمت قُدراتها العسكرية بسرعة وأضحت أقوى مما كانت عليه خلال بداية الحرب، وجيشُ الاحتلال فشل في تحرير أسراه بالقوة باستثناء أربعة منهم، وهو منهَكٌ من طول الحرب وضراوتها حتى إنّ المئات من جنود الاحتياط هربوا إلى الخارج حتى لا يعودوا للقتال في غزة حسب موقع “كالكيلسيت” العبري… فكيف يستعدّ نتنياهو إذن لإعلان “هزيمة حماس” وتحقيق “النصر المطلق” عليها؟!
وخلافا للأنباء التي تزعم أنّ جيش الاحتلال يوشك أن يدمّر الكتائب الأربع التابعة للقسام في رفح، تعترف القناة 12 العبرية بأنّ “الجيش، وبعد شهر ونصف شهر على غزو رفح، لا يزال بعيدا عن المهام التي كُلّف بها هناك”، في حين يبدو قائد لواء النخبة “ناحال” بجيش الاحتلال، يائير زوكرمان، مذهولا ممَّا اكتشفه في المنطقة؛ فتحْتَ كل بيت تقريبا توجد فتحة نفق، ما يشكّل متاهة كبيرة، والبيوت متواصلة بفتحات في الجدران لانتقال مقاتلي القسّام من بيت إلى آخر أثناء القتال، وحماس زرعت شبكة كاميرات كثيرة لإدارة المعركة فوق الأرض وتحتها، وهي تفخّخ المنازل وتفجّرها في قواته عن بُعد، ما جعل المعارك مضنية وتقدّمَ قواته بطيئًا!
هذه هي حقيقة الميدان إذن، أمّا استعدادُ الاحتلال لإعلان “انتصاره” على حماس، فيُفهم منها أنّه يريد توفير ذريعة كافية للانسحاب من مستنقع غزة، لإيقاف خسائره البشرية والمادية عند هذا الحدّ وخوض مرحلة ثالثة يكتفي فيها بأعمال توغُّل محدودة وقصف جوي مركّز، وبهذه الطريقة يتجنّب وقوع خسائر كبيرة كما يحدث له حاليا، لكنّها ستكون مرحلة قاصرة عسكريًّا ولن يحقّق فيها شيئا من أهدافه؛ إذا عجز عن تحقيق هذه الأهداف بوجود عشرات الآلاف من الجنود على الأرض، فكيف سيحقّقها بالقصف الجوي والتوغّلات البرّية المحدودة التي تُتبع بالانسحاب في كلّ مرة؟ هل حقّقت هذه الطريقة نتيجة في جنين ونابلس وطولكرم وبقية المناطق الملتهبة بالضفة الغربية المحتلة حتى تعمِّمها على غزّة؟
أكثر من ذلك، فإنّ انسحاب الاحتلال وبداية المرحلة الثالثة، يعني فشله النهائي في تحقيق هدفٍ آخر من أهداف الحرب وهو إسقاط حكم حماس.
باختصار، فإن استعداد نتنياهو لإعلان “انتصاره” الزائف على حماس، بعد تسعة أشهر من الاخفاقات المتتالية، هو مجرّد محاولة منه لحفظ ماء الوجه والبقاء في السلطة، لكنّ ذلك لن ينطلي على “شعبه” الذي سيواصل التظاهر ضدّه للمطالبة بإسقاط حكومته وعقد صفقة أسرى، وسيشتدّ عليه الضغط ولن يكون بإمكانه في الأخير سوى الحسم في خيار من اثنين: إمّا وقف الحرب وعقد صفقة تبادل وفق شروط المقاومة، أو الرحيل مع حكومته المتطرّفة، وفي كلا الحالتين سيكون قد جثا على ركبتيه كما توعّده أبو عبيدة في بداية الحرب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!