الجزائر
مواقف الدبلوماسي الأسبق دريانكور لغمت طريقه

أي مصير لمهمة السفير الفرنسي الجديد في الجزائر؟

محمد مسلم
  • 2494
  • 0
ح.م

غادر السفير الفرنسي السابق بالجزائر، فرانسوا غويات، وحل في محله السفير الجديد، ستيفان روماتي، في واحدة من أصعب مهام البعثات الدبلوماسية الفرنسية، بالنظر للعلاقات بين البلدين التي تعتبر مثالا للتذبذب وعدم الاستقرار، بسبب الماضي التاريخي للمستعمرة السابقة، المثقل بالجرائم ضد الإنسانية.
السفير الفرنسي الجديد وبعد استلامه المنصب، غازل الجزائريين عبر تغريدة نشرها في “تويتر”، قال فيها: “رغم أنني وصلت إليها للتو.. بدأت أحبها”، في عبارة تنطوي على معاني المجاملة الدبلوماسية لبلد سيمكث فيها مدة تصل أربع سنوات في أحسن الأحوال.
كان سلفه، فرانسوا غويات، متزوج من جزائرية تحمل اسم “حليمة”، وكان يتحدث العربية وعلى الأخص، اللهجة الجزائرية، وهي مواصفات كان يفترض أن تساعده على مد جسور التواصل مع الجزائريين، وتصب في اتجاه حماية مصالح بلاده التي تأثرت كثيرا خلال العهدة الأخيرة للسفير المثير للجدل، كزافيي دريانكور (2017 /2020)، غير أن الظروف التي طبعت العلاقات الثنائية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حالت دون لعبه الدور الذي كان منوطا به كسفير.
فهل سينجح ستيفان روماتي في تجاوز تداعيات الماضي الاستعماري لبلاده، وبشكل أكثر دقة، هل سينجح في إصلاح ما أفسده كزافيي دريانكور؟
كان السفير الأسبق، دريانكور، قد أفرغ كبتا مليئا بالحمم تراكمت خلال السنوات الثلاث الأخيرة من حياته الدبلوماسية، في مذكرات أسماها “اللغز الجزائري”، تحامل فيها بشكل مثير للاشمئزاز على الدولة التي قضى فيها ثماني سنوات سفيرا موزعة على عهدتين، قبل أن يختم هذه الحملة العدائية بمقالات وفيديوهات في وسائل إعلام يمينية، استهدفت اتفاقية 1968 الموقعة بين البلدين، والتي تنظم تنقل الأشخاص، وتتحدث عن امتيازات موروثة، يعتقد الكثير من المراقبين أنها أفرغت من محتواها خلال المراجعات الثلاث التي أدخلت عليها في سنوات 1986 و1995 و2001.
الوزير السابق المكلف بالجالية الوطنية بالخارج، عبد الحليم بن عطاء الله، الذي شغل أيضا منصب سفير لدى الاتحاد الأوروبي، كان قد رسم واقعا أسودا لمهمة السفراء الفرنسيين المقبلين في الجزائر، وأرجع ذلك إلى التركة المسمومة التي تركها دريانكور، وكذا الممارسات التي تفتقد إلى الأعراف أو بالأحرى الأخلاق الدبلوماسية التي يتعين أن تتوفر في أي سفير.

بن عطاء الله قال إن دريانكور ومن خلال “خرجاته” المعادية للجزائر، “وضع ألغاما في طريق من سيعينون مستقبلا سفراء في الجزائر”، ومعنى ذلك أن السفير الجديد سيبدأ مهامه في الجزائر وهو رهينة الإرث المسموم للسفير الأسبق، مستشعرا حرجا زائدا بأن السلطات الجزائرية ستسلط عليه رقابة عن قرب، وتجعل تحركاته مرصودة.
قراءة الوزير الأسبق لمستقبل التمثيل الدبلوماسي الفرنسي في الجزائر، لا تبدو أنها جاءت من فراغ، فقائلها هو دبلوماسي قضى عقودا من حياته في هذا القطاع، ويمكن تلمس واقع هذه القراءة من خلال التراجع الكبير لدور السفيرين الأخيرين دريانكور وغويات، في مهامهما بالجزائر، فقد كانت تحركاتهما قليلة ولا تكاد تذكر، عكس ما كان عليه الحال مثلا بالنسبة للسفيرين اللذين كانا قبلهما بيرنار باجولي، وبيرنار إيميي، ويتجلى ذلك من خلال استمرار مهمتيهما لثلاث سنوات فقط بدل أربع.
وانطلاقا من توصيف كلام الإطار الأسبق بوزارة الخارجية، فإن مهمة السفير الفرنسي الجديد في الجزائر، سوف لن تكون سهلة على الإطلاق، بسبب إرث دريانكور المسموم، ولكن بسبب البرودة المسجلة في العلاقات بين الجزائر وباريس منذ أشهر، والتي كانت السلطات الجزائرية قد حملتها لأطراف فرنسية، مباشرة بعد تورط جهاز المخابرات الفرنسية الخارجية أو المديرية العامة للأمن الخارجي (DGSE) في تهريب جزائرية مطلوبة للعدالة، عبر الحدود الجزائرية التونسية نحو فرنسا.

مقالات ذات صلة