الجزائر
بسبب الخوف من الجرائم والاختطاف وانتشار المخدرات

أولياء يرتعبون من ذهاب أبنائهم إلى المدرسة!

وهيبة سليماني
  • 1926
  • 0
أرشيف

ازدادت عادة اصطحاب الأطفال إلى المدرسة، ترسخا لدى الأولياء، حيث يمثل الدخول المدرسي في الجزائر، بداية مهمة صعبة، تعاني منها خاصة الأمهات العاملات اللواتي لا يجدن من يتكفل بأطفالهن ويرافقهم إلى المؤسسات التربوية..
مع بداية الموسم الجديد، ظهر الاكتظاظ واضحا أمام المدارس، حيث يتوقف على أبوابها عشرات الأولياء وهم يرتقبون بشغف خروج أبنائهم، فالظاهرة لم تعد تقتصر على الابتدائيات والمتوسطات لتمتد إلى الثانويات.
هاجس اختطاف الأطفال، والخوف من المخدرات، والاعتداءات وكل الانحرافات، ظواهر اجتماعية تحيط بالمدرسة وتهدد أمنها، وترعب الأولياء وتحملهم مسؤولية ثقيلة، إلى درجة أن بعض الأمهات والآباء يدخلون عالم الدراسة كأنهم هم التلاميذ!
وقالت في هذا الصدد، المختصة في علم الاجتماع، الدكتورة ثريا التيجاني، لـ”الشروق”، إن الدراسات الأخيرة الخاصة بعلم النفس والاجتماع، لدى معاهد البحوث، أكدت أنّ مخاوف المحيط المدرسي في تزايد مستمر، ورهاب بعض الظواهر الاجتماعية، أصبح حسب هذه الدراسات، تقلق الأولياء، وتضطرهم إلى عدم الاستغناء عن مصاحبة أبنائهم للمدرسة.
وأوضحت، التيجاني، أنّ الخوف من محيط المدرسة، بالنسبة للأولياء، بات ظاهرة اجتماعية في الجزائر، خاصة مع تزايد الجرائم وانتشار المهلوسات، والحديث عن حالات اختطاف للأطفال، مشيرة إلى أن الأمر غير عادي، فاصطحاب تلاميذ الثانوي من طرف بعض الأولياء إلى المؤسسة التربوية مؤشر خطر اجتماعي ونفسي.
ولم يعد الخوف على التلاميذ، حسب التيجاني، يقتصر على المحيط الخارجي، مؤكدة أن الكثير من الأولياء، يعيشون حالة قلق وتوتر بسبب بعض الحوادث التي تطال أبناءهم حتى داخل بعض المؤسسات التربوية، كالتنمر والاعتداءات بالضرب، هذه الأخيرة التي تؤثر أيضا على المسار التربوي للتلميذ المتعرض لها.
وقالت الباحثة في علم الاجتماعي، ثريا التيجاني، إن الأمر يزداد خطورة بعد أن وصل بالأولياء إلى حد التدخل في شؤون المدرسة والتجمّع في مداخل المؤسسات التربوية لساعات ينتظرون فيها أولادهم، حتى وإن كان هذا الأمر يجبر بعض الأولياء رغم ارتباطاتهم على المجيء للمدرسة لانتظار دخول وخروج فلذات أكبادهن.

الدرّاجات النارية واكتظاظ الأولياء يتسبب في فوضى وضجيج
وعكس السنوات الماضية، حينما كان محيط المدرسة يخيم عليه الهدوء، إلا في ساعات دخول وخروج التلاميذ، فإن اليوم أبوابها والساحات القريبة منها باتت أشبه بخلية نحل، تعم فيها الفوضى والضجيج، حيث الدرّاجات النارية بمنبهاتها وصوت محركاتها تخترق الجدران إلى الأقسام وتزعج الأساتذة والتلاميذ معا، وتحدث اضطرابا في السير الطبيعي للدروس، وتشوش على الجميع التركيز ومتابعة الدرس.
وكما أن خطر الدرّاجات النارية، لا يتوقف عند إحداث الضجيج، بل تهدد بنشر أكثر للآفات في محيط المدرسة، وتتسبب في حوادث المرور، ودهس تلاميذ صغار في الطور الابتدائي.
وقال في هذا الصدد، البروفيسور وناس أمزيان رئيس قسم علم النفس وعلوم التربية والارطوفونيا في جامعة باتنة “1”، إن الظواهر والمشاكل المحيطة بالمدرسة، تساهم بشكل كبير في خلق جو متوتر داخل أقسام الدراسة، وتؤدي إلى زيادة في الاضطرابات النفسية عند التلاميذ، كما ترهق الأولياء وتزيد مسؤوليتهم في الحياة، إلى درجة أنهم يصبحون مشاركين في الدراسة التي يخوضها أبنائهم.
وأوضح البروفسور وناس أمزيان، أن العيب ليس في اهتمام الأولياء بأبنائهم واصطحابهم من حين إلى آخر للمدرسة، فهذا حسبه، يدعم ويحفز التلميذ على الاجتهاد، لكن عندما يصل الأمر إلى هاجس، ورهاب يلازم الأولياء وأبنائهم كلما حان موسم الدخول المدرسي ويبقى معهم طيلة العام، فإن ذلك حسبه، يحتاج إلى مزيد من الجهود سواء من وزارة التربية أو من قطاعات أخرى.

لا ترهبوا أولادكم من المدرسة
ومن جهته، يرى الدكتور مسعود بن حليمة، المختص في علم النفس، أن الكثير من الأولياء يزرعون الرعب في نفوس أبنائهم المتمدرسين، حيث تولد لدى هؤلاء الأولياء حالة خوف مرض بسبب متابعتهم لحوادث القتل والاختطاف، وقضايا المخدرات، والمبالغة، حسبه، في أصحاب أبنائهم خاصة الذين يدرسون في الطور المتوسط والثانوي، يجعل أبناءهم ضعفاء الشخصية، لا يمكنهم الاتكال على أنفسهم مستقبلا.
وقد يلجأ، يضيف الدكتور بن حليمة، بعض التلاميذ إلى الانتقام من أولياءهم الذين يزرعون فيهم عدم الثقة، ويخافون عليهم من المدرسة ومحيطها فينحرفون، أو ينكبون على أنفسهم ولا يجتهدون في دراستهم.
وأكد المختص أن الخوف الزائد على الأبناء من المدرسة، عدوى قد تنتقل إلى شريحة واسعة من الأولياء، وتتسبب في إزعاج وتشويش على التلاميذ، وسير الدراسة في المؤسسات التربوية.

حلول مطروحة
وفي ذات السياق، دعا وناس امزيان رئيس قسم علم النفس وعلوم التربية والارطوفونيا في جامعة باتنة “1”، إلى الاهتمام الجيد بالجانب الأمني والنفسي والاجتماعي للتلاميذ، من خلال تأمين محيط المدرسة، وإبعاد الدرجات النارية والمركبات عن المؤسسة التربوية بمسافة قانونية محددة، والأهم من ذلك الاستماع إلى التلاميذ واحتواء مشاكلهم ومعرفة المخاوف التي تقلقهم سواء داخل أو خارج المدرسة.
وقال إن دور المختصين النفسانيين، والمساعدين التربويين، مهم جدا في وقت تنتشر فيه الآفات الاجتماعية، كما أن جمعيات أولياء التلاميذ مسؤولة هي الأخرى، حسبه، عن معرفة ما يشغل الأمهات والآباء الذين لديهم أطفال يدرسون، وما هو الشيء الذي يثير هاجس الخوف لديهم على أولادهم في المدرسة ومحيطها.

مقالات ذات صلة