الرأي

أوباما‭ ‬الجزائري‭!‬

قادة بن عمار
  • 5303
  • 9

جميع من تابع السهرة الانتخابية التي مدّدت بقاء باراك أوباما في بيته الأبيض لأربع سنوات جديدة، نسي لوهلة ما يشاهده يوميا من طرف أوبامات الجزائر، الذين يعتقدون فعلا أنهم يمارسون السياسة، وأن ما يقومون به حاليا هو حملة انتخابية وليس شيئا آخر!

حين يقول زعيم الأغلبية المزعومة، عبد العزيز بلخادم، مخاطبا خصوم حزبه الأفلان بعبارة: “اذهبوا والعبوا مع أقرانكم”، فنحن هنا أمام وضع كاريكاتوري مدهش، بل مقرف، يجعل من الأمين العام للحزب العتيد يتصوّر نفسه كبيرا في السياسة، وضليعا في ممارسة فنون الخطابة، رغم أن العِبرة في نهاية المطاف لا تتعلق بعدد السنين، وإنما بما يخلّفه السياسيون من تراكم في التجارب، إلا اذا كان بلخادم يعتبر نفسه أمينا عاما لحزب حيوي فعلا، يمنح الحلول، ويحكم جدّيا ولا يُحكم به!

أما حين يخرج زعيم الأرندي، أحمد أويحيى، ليقول للناس متفائلا إن رقم حزبه في الانتخابات “29” يتناسب مع يوم تنظيمها خلال الشهر الجاري، وبالتالي فإنه يتوقع الفوز واكتساح الصناديق(!).. فهذا الـ… يجعل من السياسيين عندنا في مواجهة مفتوحة ومنافسة شرسة مع “الشوافات‮”‬‭ ‬والمشعوذين،‭ ‬ومع‭ ‬جموع‭ ‬الأفارقة‭ ‬الموزعين‭ ‬على‭ ‬أرصفة‮ ‬الشوارع،‭ ‬بحثا‭ ‬عن‮ “‬مول‭ ‬النية‮” ‬أو‮ ‬الساذج‭ ‬الذي‭ ‬يحتالون‭ ‬عليه‭!‬

لا فرق بين هؤلاء وأولئك، كما لا فرق بين ضحايا الشعوذة والنصب والاحتيال، وضحايا الحملات الانتخابية التي تبيع الشعارات الفارغة للمواطنين، وفي هذا السياق يتساوى الجميع، بين الذين يوجدون في صفوف “الشيّاتين” الموالين، أو يتظاهرون بالمعارضة المختلطة بالنفاق!

لن نطلب المستحيل من زعماء الأحزاب لدينا، خصوصا أولئك الذين فشلوا في ضبط صفوف مناضليهم، فتفرّقت أحزابهم بين الحركات التقويمية ومشتقاتها وذهبت ريحهم، ناهيك على أنه سيكون سهلا لو طلبنا من بوشامة أو بونجمة أن يصبحا رئيسي حكومة بعد المحليات، على أن نطلب مثلا من بلخادم أو أويحيى أن يتعلما السياسة من جديد، سواء في المدرسة الأمريكية أو الفرنسية، وأحيانا حتى الصومالية والبنغالية التي جعلت من السياسيين والمعارضين هناك “رموزا ورؤساء حقيقيين”، وليسوا مجرد عرائس يتم إخراجها خلال مواسم الانتخابات!

لا نلوم الشعب الذي سهر الليالي انتظارا للفائز في انتخابات أمريكا، فأوباما لن يحكم البيت الأبيض وحده، بل سيحكم العالم كلّه، ولن نلوم من اهتموا بخسارة رومني أكثر من اهتمامهم بالبحث عن الفائز في انتخابات الجزائر، لأن القاسم المشترك الوحيد بين الانتخابات في بلادنا وما يحدث في أمريكا، يقتصر على استعمال الصناديق ليس إلا، حتى وإن كان الأمريكان قد تخلوا عنها منذ زمان، في حين مايزال المراقبون عندنا لا يتخاصمون مع وزارة الداخلية، سوى بخصوص ظروف الإقامة في الفنادق الفخمة، وشروط النوم المريحة، وقائمة الأطعمة المخصصة لتسمينهم‭ ‬في‭ ‬المآدب‭ ‬الانتخابية‭!‬

مقالات ذات صلة