جواهر
الشروق رافقتها لأسبوع بإيطاليا.. أحلام مستغانمي:

أنا ملكة 6 ملايين معجب في مملكة فايسبوك

جواهر الشروق
  • 14016
  • 31
ح. م
الروائية أحلام مستغانمي

من نظرة.. فابتسامة.. فموعد.. ولكن من دون لقاء جديد مع الشاعر الكبير مالك حداد، تحوّلت أحلام مستغانمي إلى حقيقة أدبية متفجرة أينما حلت هزت المشاعر قبل العقول، قال لها مالك حداد الشره في تدخينه، وكان اليوم ماطرا في بداية سبعينيات القرن الماضي، لا أريد منك سوى أن تحبي قسنطينة، كانت هذه الكلمات وصية صاحب رائعة أهديك غزالة، وكانت تعلم أنه رفض وزارة الثقافة التي منحه إياها هواري بومدين، على طبق من فضة، واشترط أن يكون مقر الوزارة في قسنطينة، فرفض بومدين وعلم بأنه يتعامل مع مثقف، يعشق مدينته حد النخاع، وانتقل هذا العشق إلى أحلام مستغانمي، التي دسّت في جيب قلبها هاته الوصية، وراحت تستنسخ مالك حداد في صور أخرى، إلى أن نسجت من إسمها أحلاما واقعية، تمثلت في ذاكرة الجسد وأخواتها من روايات ترجمت لعدة لغات، أحلام مستغانمي، التي اختارت موسيقى “ودارت الأيام” لأم كلثوم في حصتها الإذاعية الأدبية في القناة الجزائرية، طارت بها الأيام إلى بيروت، فصارت مثل فيروز رمزا أدبيا محيّرا.

لحسن حظها أن عالم الفايس بوك نقلها إلى شعب معجبيها، فقالت للشروق اليومي منذ شهر بأنها تشعر أنها ملكة ولكن على جمهورية تمارس فيها روايات أخرى، لقد أراد مالك حداد قسنطينة عاصمة للثقافة في الجزائر، وستكون في غيابه عاصمة للثقافة العربية مطلع السنة القادمة ومع ذلك فإن أحلام مازالت لحد الآن مغيبة عن مدينتها، على بعد أيام من دخول العرس الكبير، قالت أحلام مستغانمي مرة للشروق اليومي، من كثرة ما كتبت عن قسنطينة، طلب مني أمير إماراتي أن يزور المدينة الساحرة في ذاكرة الجسد.

 ولكن أحلام لم ترد على طلبه ظلت تنتقد بأعلى صوتها الترييف الذي طال المدينة، التي لم يبق فيها غير الجسور، حتى الأكياس البلاستيكية السوداء الطائرة مع نورس المدينة انتقدتها، ووعدت بإحضار مئة ألف قفة، لنساء المدينة حتى يخلصن وجه قسنطينتها من هذه البقع السوداء، وهي تغادر معرض الكتاب في الشارقة الذي اختارته لتوقيع كتابها الجديد بدلا عن معرض الكتاب في الجزائر، اعترفت بأنها ثائرة، ولكن وراءها هذه المرة ستة ملايين معجب يسيرون من خلفها.. ولكن عبر الفايسبوك فقط؟

 

فتحوا لها القصر الملكي والتقت البرلمانيين والفنانين والقراء

إيطاليا تكرم مستغانمي بمرجان عمره 130   سنة وتمثال مولقرت الفينيقي

في إيطاليا ثمة تقديس للكتاب واحترام كبير لأشخاصهم ومؤلفاتهم، ولا عجب، فهذا البلد ينتج الثقافة ويسوقها كتابا وطعاما ولباسا وكرة منذ عصور قديمة، جعلت منه مهبط وحي النهضة الأوروبية الحديثة وموطن ليوناردو دافنشي وميكايل أنجلو وغيرهما كثير. هكذا حظيت الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي باستقبال كبير وحار حينما حلت ضيفة على الطبعة السابعة لمهرجان شاكا الدولي للسينما  ضمن ركن لقاء مع كاتب، لتستعرض تجربتها الروائية على مدار أربعين سنة كاملة وبتركيز واضح على كتابهانسيان كومالذي ترجم ترجمة رائعة إلى   الإيطالية بعنوان جديد هو لارتي دي ديمنتيكاري، أو فن النسيان، بشهادة وتنويه خاص من الأميرة الكاتبة الكبيرة فيتوريا ألياتا.

 

تفاجأت بترجمةنسيان كومإلى الإيطالية

في قاعة غصت بالمثقفين والسينمائيين والجامعيين، أكدت أحلام مستغانمي أنها فوجئت بوجود ترجمة لروايتها إلى الإيطالية، مذكرة بالاستغلال البشع لدور النشر لتعب الأدباء والروائيين دون استفادتهم من عوائد معنوية ومادية، مدرجة في خانة قانون حماية الملكية الفكرية، فالفكر هو آخر ما يحمى في بلدان ليس للبشر فيه من قيمة. وقالت الأديبة الجزائرية والعربية أن روايةنسيان كومهو عمل استثنائي لا يمت لعالمها الروائي بصلة، بل كان مجرد مساهمة منها في معالجة شجون نسائية متعلقة بالحب الذي يحول المرأة إلى شبه كائن انتظاري لوهم جميل قد لا يأتي، لذلك قررت أن تختصر تلك العذابات بخطة تقدم للنساء بنودا تلقنهم كيفية نسيان الرجال، ولم تخل مداخلة أحلام مستغانمي المقدمة باللغة الفرنسية لتسهيل عملية الترجمة من طرائف ونوادر أضحكت من في القاعة حينما تحدثت عن حقوق المرأة ومتاعب الحب وقساوة الرجال والرقابة، فقالتهناك من يريد أن يفرض حجابا على الكلمات“!


تغص القاعات ويمتلئ المكان أينما حلت وارتحلت

لم يدم اللقاء سوى ساعة ونصف من الزمن، لكنه تجاوز التاريخ والجغرافيا معا في تلاقي انساني مفعم، فتهافت الحاضرون والحاضرات لأخذ صور معها والظفر بتوقيعات على نسخ من روايتها، بل إن رجلا أقبل عليها محييا وقال لها إنني لم أقرأ لك من قبل، لكني أحببتك من حديثك الشيق، لذا سأقرأ كل رواياتك

لم يكن مدير المهرجان سينو كاراكابا مغتبطا لوحده بعد ما تحول لقاء أحلام مستغانمي إلى تجربة ناجحة عكست بحق أن الثقافة تفتح نوافذ تفاهم إنساني في أسوار السياسة والعقائد المغلقة، بل كانت الفرحة بادية أيضا على الشابة الجامعية سيرينا سابيلا، وهي منظمة بالمهرجان وطالبة تتقن اللغة العربية والدارجة المغاربية لإيمانها العميق أن العالم العربي والإسلامي يعج بصور إيجابية مشعة ومتلألئة إنسانيا وحضاريا، وجب تقديمها للعالم المتلهف حصرا وقسرا على مواجع الإرهاب والأحكام الجاهزة عن المرأة والحياة في الجزء الجنوبي للبحر المتوسط.. فاجأتني قائلةلماذا تصرون دائما على تقديم الجوانب السلبية في أفلامكم السينمائية والروائية وفي إعلامكم، عليكم أن تسوقوا لأنفسكم بشكل أحسن، فهناك ما هو براق في الثقافة الاسلامية والعربية؟


كرمت بعقد مرجان عمره 130 سنة وتمثال فينيقي

لم تفتح أحلام العقول فحسب، القلوب كانت مشرعة أيضا، فتم تكريمها بعقد من المرجان عمره 130 سنة قدمته له مؤسسة كونسورزيو كورالو، كما منح لها تمثال مولقرت الفينيقي الذي يعكس تلاقح الشرق بالغرب منذ القدم وهو الشعار الرسمي للمهرجان، كما حظيت بدعوة كريمة من الكاتبة والأميرة فيتوريا ألياتا، تلك المثقفة التي تتقن 7 لغات ولها إلمام واسع ودقيق بالعالم العربي منذ فترة شبابها، فقد عرفت الشيخ كفتارو وياسر عرفات والشيخ شخبوط الشقيق الأكبر للأمير زايد، وتعمقت في تراث محي الدين بن عربي والأمير عبد القادر، وهي إن تحدثت بحر هادر وعميق لا يتوقف لسعة المعرفة وغزارة الإطلاع، إذ سرعان ما دبت علاقة روحية عميقة ما بين الأديبة والأميرة، فلم تتورع الأخيرة عن دعوتها للعشاء والمبيت عندها في قصرها البديع الذي أفلحت في استرجاعه من يد المافيا. ونظمت لها المصممة الجزائرية صباح بن زيادي لقاءات صحفية مع إذاعة وتلفزيون شاكا وكذا تلفزيون راي الشهير الذي تكفل بتغطية حضورها، كما صور معها حصة تلفزيونية ستقدم لاحقا في برنامج حول المتوسط بمختلف اللغات باعتبارها أشهر روائية جزائرية وعربية في الوقت الراهن.


برلمانيون إيطاليون يغزون صفحة أحلام على الفايس بوك

في الواقع، تكتشف أشياء مفارقة في إيطاليا، هذه الأرض التي صورها الإله في شكل قدم تضرب الغزاة والوافدين، لكنها بلد جميل ومثقف ومضياف، يتقن تقديم الطعام للضيوف بأناقة اللباس وببسمة نسائه الجميلات وبشهامة رجاله الغيورين وبحرارة قلبه المتوسطي الدافئ، فهو بالأساس شعب مهاجر يتقن السفر، لذا فإنه يحسن الكرم والاحتفال بالغرباء والمهاجرين، لكن احتفاءه وكرمه بالكتاب والمبدعين أكبر، حدث ذلك منذ قرون مع كتاب ومثقفين نوميديين وجزائريين قدامى مثل أبوليوس المداوروشي صاحب أقدم رواية في الكونتحولات أو الحمار الذهبيومع القديس سان أوغيستين، منظر الكاثوليكية وكلاهما نبتا في الأوراس وأينعا في روما، ولم يختلف الأمر مع ابنة قسنطينة وسيرتا، فاحترام الكتاب صناعة إيطالية قحة تجلت في القصر الملكي بباليرمو عاصمة جزيرة صقليةالذي فتح لها على مصراعيه بدءا بالكنيسة التي تحوي زخرفات عربية اسلامية فاطمية، ودلت على عمق الصلات القديمة بين العرب والبيزنطيين والنورمانديين حتى في أوج الحروب الصليبية، بل سمح لها وللوفد المرافق برؤية لوحات وزخارف وأماكن ممنوعة على العامة مثل البرلمان الجهوي لصقلية وقاعات الاجتماع والتشريفات وببعضها لوحات تاريخية تعكس إحداها ترحيب العرب المستقرين قديما بصقلية بالعائلات النورماندية التي حكمت فيما بعد، و أعمدة ودعامات الكنيسة على عمق أمتار تحت الأرض قبل أن تنتهي الرحلة بركن مخصص للفترة العربية وبه ألبسة ومنسوجات وحلي أمازيغية و غاربية وكتابات عربية مؤرخة لفترة كانت فيها الجزيرة امتدادا حضاريا لشمال إفريقيا ولاتزال نقطة التقاء بين العالمين الشرقي والغربي بدليل تلك الحفاوة الباذخة التي خصها فريق التشريفات العامل بالبرلمان الجهوي في صقلية بأدب ومحبة ولطافة والذي سارع لتخليد المرور بالصور، وطلب الصداقة عبر الفيسبوك بصورة تلقائية تؤكد أنك في شمال افريقيا لا في جنوب ايطاليا

 

ضجة إعلامية وتدافع للمعجبين أينما حلت وارتحلت

أحلام مستغانمي تعودشاعرةوتشعل غيرةاللبنانيات

كعادتها عادت الروائية أحلام مستغانمي بقوة إلى الساحة الإبداعية والإعلامية وهذه المرة من بابالشعرالذي خانته لسنوات، على حد تعبيرها .

عليك اللهفةكان تأشيرة جديدة لأحلام عبرت من خلالها مرة أخرى التاريخ والجغرافيا لتحط في المعرض الدولي للكتاب بالشارقة حيث صنعت الحدث لدي اليوم أكثر من ستة ملايين متابع في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما حولني من كاتبة إلى قائدة لجحافل من القراء، غير أنه ثمة مسؤولية للكاتب تجاه قرائه، تزداد كلما زاد انتشاره، لذلك لم أعد قادرة على الكتابة بنفس الحرية التي كتبت فيها أول مرة“.

وهناك أشارت أحلام، إلى أنها تعلّمت من نزار قباني أن تستدل بخوفها على الحقيقة، معتبرة ذلك الدرس الأول والأصعب الذي تعلّمته في حياتها حول الكتابةالأوطان تُنسب لكُتابها كما تنسب لقادتها، والأمة التي تنسب لقتلتها وليس لمبدعيها لا مكان لها في التاريخ” .

 

أحلام مستغانمي فيميزانالهجمات الشرسة

الطاهر وطار، الشاب خالد ، فضيلة الفاروق، نضال الأحمدية

رواياتها أبهرت عالم الأدب، وتثير الجدل أينما حلّت وارتحلت، إنّها الكاتبة والروائية أحلام مستغانمي التي ذاع صيتها بثلاثيةذاكرة الجسدوفوضى الحواسوعابر سرير، إضافة إلى روايتها  الأخيرةالأسود يليق بك، التي حققت أعلى المبيعات في بورصة الكتاب بالوطن العربي.

شهرتها الواسعة ونجاحها الملفت للانتباه وتفاعلها مع القضايا الإنسانية، جعلها تتعرض للانتقاد والحملات الشرسة من طرف الكتاب الجزائريين والعرب على حدّ سواء، لاسيما إذا ترشحت لأشهر الجوائز العربية، وهو ما حدث معها خلال مرورها بالقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتّاب عن عملها الأسود يليق بكالذي أحدث ضجة إعلامية كبيرة وترجم إلى 9 لغات أجنبية، ناهيك عن مواقفها وتصريحاتها النارية بين الفينة والأخرى، حيث تستغل مستغانمي أبرز المناسبات الثقافية لتطلقها، ما يطرح عديد الأسئلة التي تبقى إجابتها لدى ابنة مدينة قسنطينة التي تعتبر بيروتالأم بالتبنينظير احتضانها لإبداعها وفكرها.

الهجوم على مستغانمي تعدّى إلى وجوه تلفزيونية وفنية وأدبية، حيث اتهمتها الإعلامية اللبنانية نضال الأحمدية بسرقة مقولةالأسود يلق بكموضحة بأنّها مقولة نشرت في مقال للكاتبة غادّة السمّان. كما ردّ عليها ذات يوم الراحل الطاهر وطار بشأن تصريحاتها حول جائزة مالك حداد بأنّها مجرد تصفية حسابات قديمة متعلقة بينها وبين مسؤولي الفعل الثقافي في الجزائر. وفي السياق تساءلت الدكتورة شيرين أبو النجا أثناء مشاركتها في ملتقى الرواية الخامس بمصر سنة 2010، عن سبب رواج كتب بعينها. وقالتأبو النجا“: لا أفهم مطلقًا سبب رواج روايةنسيان كومللكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي. وهذا ما يعكس غيرتها وعدم استساغها لنجاحها.

بالمقابل فتحت أحلام مستغانمي النار على مواطنها الفنان الشاب خالد ووصفته بالغبي الذي يمتلك ضحكة غبية، كما قررت قبل أربع سنوات رفع دعوى قضائية ضد قسم النشر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة أمام القضاء اللبناني، قصد استعادة حقوق نشر الترجمة الإنجليزية لروايتيهاذاكرة الجسدوفوضى الحواس“.

 

أمين الزاوي يؤكد أن كل من هاجمها كان دافعه الغيرة

أحلام مستغانمي هينزار قباني الرواية العربية

اعتبر الروائي أمين الزاوي أحلام مستغانميظاهرة سوسيولوجيةفي دفع وإعادة المصالحة بين القارئ العربي والرواية منذ نجيب محفوظ، وقال في اتصال مع الشروقأنهت أحلام القطيعة بعد نجيب محفوظ، وبغض النظر عن الجانب الجمالي في رواياتها، أحلام أعادت القارئ إلى الرواية وقراؤها من جيل جديد مابين الفايسبوك والنص الأدبي .الساحة الأدبية العربية كانت تحتاج لهذه النقلة للتوصيل بين المرحلتين. واستطاعت بنوع من السلوك الاجتماعي أي الطبيعة البرجوازية الأنثوية الناعمة أن تلفت انتباه الذكور والإناث“.

وأضاف في نفس السياقأحلام مستغانمي تشبه إلى حد كبير نزار قباني في الشعر. ويمكن أن نقول أنها نزار الرواية العربية بحضورها ورقتها. صورة أحلام البرجوازية المتفتحة والمتمنعة أعطتها حضورا مميزا بين القراء. وأحلام أيضا هي من خلقالغيرة، فالجميع يغار منها ويهاجمها ولكنها ذكية وأجادت التعامل مع الإعلام العربي الذي يتكئ على وتري الحساسية والإثارة“.

مقالات ذات صلة