أنا المشكلة.. وأنا الحل!
![أنا المشكلة.. وأنا الحل!](https://i.dzs.cloud/www.echoroukonline.com/wp-content/uploads/2021/03/ben_maradi_243489957.png?resize=790,444.375)
عندما يقول وزير التجارة محمد بن مرادي إن عمليات الاستيراد في معظمها “عملياتٌ مشبوهة كانت تستعمَل لتهريب العملة الصعبة نحو الخارج”، فهو يورط نفسه والحكومات المتعاقبة التي اشتغل لحسابها سابقا، ليس فقط بسبب غياب الرقابة وتعطيل آلياتها أو لتخليها عن المحاسبة، وإنما يورطها إلى حدّ التواطؤ في ارتكاب تلك العمليات المشبوهة التي يقول بن مرادي إنها دمّرت الاقتصاد الوطني!
وزير التجارة وهو يتحدث إلى بعض المنتجين بالأمس، لم يعثر على جواب بخصوص الإبقاء على قاعدة 49/51 من عدمه، مكتفيا بالصمت، لكنه صمتٌ كالكلام، يدل أو يؤشر على أن الخطوة المقبلة قد تكون التخلص من تلك القاعدة في سبيل البحث عن شركاء جدد من خارج القطاع العمومي، ولتكن البداية من القطاعات الأقل حساسية وإستراتيجية بالنسبة للاقتصاد.. وهكذا يكون هذا الأخير قد تم توزيعه بين الخواص ورجال الأعمال الجزائريين وفقا لقاعدة 34/66 وبين الشركاء والمستثمرين الأجانب بعد التخلي عن قاعدة 49/51!
بن مرادي قال إن الحكومات المتعاقبة فشلت عقب التوقيع على اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي في جلب استثمارات أجنبية كتلك التي تحققت لدى جيراننا في تونس والمغرب، وعليه فإن المشكلة تكمن في قاعدة 49/51، وقد يكون التخلص منها هو الحل السحري بالنسبة للحكومة حاليا!
ربما لا يعرف بن مرادي أن المشكلة ليست في اتخاذ هذه الإجراءات ولا في اللجوء إليها كحلول عاجلة واضطرارية من أجل إنقاذ الاقتصاد الوطني، لكن المشكلة تتمثل في الأشخاص الذين يملكون حق التصرف والتسيير، وفي غياب ضمانات من أجل تفادي الأسوأ لو وقع.
بتعبير آخر: كيف لمن كانوا وزراء في حكومات شهدت عمليات استيراد مشبوهة وتهريب واضح للعملة الصعبة إعطاءنا حلولا لهذه المشاكل، بل واقتراح البدائل على الجزائريين؟ الأمر شبيه تماما بمن يزعم أنه “المشكلة” و”الحل” في الوقت ذاته!
ثمّ كيف يمكن الوثوق في حكومة لا تعرف حتى عدد المواد الممنوعة من الاستيراد لحماية المنتوج الوطني؟ فبعدما قال بن مرادي إنها في حدود 900 منتوج، عاد أويحيى ليرفعها في الثلاثية إلى ألف، ثم عاد بن مرادي مجددا ليقول إن لديه قائمة بـ851 منتوج وقد عين لذلك لجنة وزارية من أجل ضبطها نهائيا!
الوزارات المعنية لا تملك حتى التكنولوجيا المطلوبة لمرافقة فتح رأس مال الاقتصاد العمومي أو توزيع استثماراته بين الخواص الوطنيين والأجانب، بدليل الاعترافات التي ساقها وزير المالية هذا الأسبوع عن عوائق تقنية كثيرة تواجه تطوير وعصرنة القطاع البنكي، مما يجعل مراقبة رؤوس الأموال “الداخلة والخارجة” أمرا صعبا، ليس فقط بالنسبة للتحصيل الجبائي أو الضريبي وإنما أيضا في توزيع تلك الأموال على القطاعات!
والغريب أن وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام، والتي اعترفت بعجزها عن مواجهة مجرّد لعبة الكترونية، أو تطبيقٍ على الإنترنت يقتل الأطفال منذ فترة ليست بالقصيرة، وعدت وزير المالية بمساعدته لتكون التكنولوجيا مرافِقة للتنمية الاقتصادية في 2018..”يا ودّي ساعدي غير روحك بزاف”!