جواهر
الأنروكسيا يفتك بالعديد من الغافلات:

أمراض ووفيات جرّاء اتباع أقسى أنواع الحميات!

نادية شريف
  • 18872
  • 42
ح/م
مصابة بداء فقدان الشهية العصبي

كانت المرأة البدينة لفترة طويلة من الزمن، امتدت من العشرينيات وحتى أوائل الثلاثينيات تقريبا هي رمز الجمال في كل أنحاء المعمورة، وحسب المقاس العالمي آنذاك فإن أكثر النساء جاذبية هي تلك التي تتميز بحوض عريض وواسع يعطي وعودا بإنجاب أطفال أصحاء.

والمنقب في سجلات الماضي لا بد وأنه سيصادف صور ممثلات هولييود الأوليات وسيتفاجأ من شكلهن البدين “الملحم” وحتى الآن لازالت نظرة الإعجاب للمرأة الممتلئة موجودة في المجتمعات الشرقية ولدى بعض الشعوب الإفريقية المهتمة بالمحافظة على النسل وتحسينه، ولكن بظهور بعض المفاهيم كالنجومية والشهرة فقد أصبحت المرأة النحيفة “المعظمة” هي مثال الجمال ورمز الكمال خاصة في المجتمعات الحديثة، وأصبحت وسائل الإعلام المرئية تروج للنحافة وتحث على التخلص من الوزن الزائد أو من كل الوزن، فأقبلت النساء المنصهرات في حب كل ما هو مادي وزائف على اتباع أشد أنواع الحميات قساوة ولجأن إلى استعمال مختلف العقاقير والأدوية الكابتة للشهية دون مراعاة حاجة الجسم ومتطلباته وهو ما أدى بالكثيرات إلى فقدان الحياة بعد الإصابة بما يسمى anorxia  nervosa  أو فقدان الشهية العصبي، فما المقصود بالأنروكسيا وماهي أعراضه وأسبابه وهل حقا يوصل للقبر؟

هوس الرشاقة وصناعة الأجسام

إحدى مساوئ وسائل الإعلام المرئية أنها تروج للعديد من الأفكار الشاذة والمنحرفة والأخطر أنها تروج للموت.. قد تتساءلون كيف؟ وتتعجبون لماذا! وهنا تأتي الإجابة بسيطة جدا وتلقائية، فبعض الأمور التي تحمل مفاهيم خاطئة قد تضع نقطة النهاية لشخص ما اقتنع بها وطبقها، خاصة وأن الصورة كما نعلم جميعا تلعب دورا لا يستهان به في الإقناع والتأثير.. ورؤية المرأة لصور العارضات ذوات القوام الرشيق يلبسن سراويل الجينز والميني جيب، ومايوهات السباحة وكل ما شف وعري بكل ثقة يجعلها تكره نفسها وتحتقر ذاتها وتشعر بالنفور من جسمها حتى إن كان صحيا ومتناسقا.. ومن هذا المنطلق تبدأ في عمل الريجيم القاسي كأن تأكل تفاحة فقط في اليوم، أو حبة خيار أو جزر وتستعين بعقاقير التخسيس  وتدمن على ممارسة التمارين الرياضية بطريقة جنونية لتحرق سعرات حرارية كثيرة مرة واحدة قد تصل إلى 700 كالوري، ودافعها لفعل ذلك ليس المحافظة على الصحة وتجنب السمنة المفرطة المسببة للمرض بل الحصول على الشكل المثالي الذي يصوره لها صانعو المشاهير الذين يطمحون إلى تفصيل العباد حسب أذواقهم كما يفصلون الثياب على أنه عظم يكسوه جلد مما يضطرها إلى محاربة نفسها وكبت رغباتها للوصول إلى مرتبة الجمال فتفقد صحتها  وجمالها الحقيقي، وأيضا توازن جسمها، وقد تفارق الحياة في سبيل إرضاء المجتمع أو من أجل الشهرة، ولا بد أن أكثركم قد سمع بنبأ وفاة عارضة أزياء برازيلية عمدت إلى التخلص من بعض الكيلوغرامات الزائدة مع أنها في الأصل تشبه المومياء أو بالأحرى جسد فرعون المحنط فأصيبت بالأنروكسيا وصعب على الأطباء إنقاذ حياتها لأنها كانت في مرحلة متقدمة جدا من المرض.. وعارضة أخرى ترقد الآن على سرير المستشفى وتتغذى بالمصل منذ مدة طويلة  يحاول فريق متمرس من الأطباء والممرضين جعلها تستعيد عافيتها بعدما أصيبت بنفس الحالة وهي فقدان الشهية العصبي وذلك لأنها كانت تأكل تفاحة فقط في اليوم، وفي هذا الصدد يقول مختص نفساني: “الفتاة التي تعاني من الأنروكسيا يصبح عندها هوس عجيب ولا تصبح راضية عن نفسها بحيث تشعر بالنقص  وتقيس وزنها أكثر من مرة في اليوم، وهذه الحالة ـ أي الأنروكسيا- عبارة عن اضطراب تغذية إرادي حيث تعمد الفتيات البدينات إلى حرمان أنفسهن من الأكل ويقاومن الجوع ويمتنعن عن شرب السوائل وبعدها يصبح الشعور بالجوع لا وجود له ويفقدن الرغبة في الأكل نهائيا وتنتابهن الرغبة في الاستفراغ عند دخول لقمة صغيرة إلى الجوف كما يعتكفن أمام المرآة” ويؤكد بعض الأخصائيين أن الأنروكسيا هو المرض النفسي الوحيد الذي يؤدي إلى الموت حيث بلغت نسبة الوفيات في من عانين منه ما بين 5 إلى 10 بالمائة.

الميزان والمرآة أعز الأصدقاء

عندما تصاب المرأة بفقدان الشهية العصبي تصبح لديها أعراض اكتئابية مثل الحزن والنظرة التشاؤمية للحياة وتكره نفسها وكل الأشخاص المحيطين بها، وعليه تبدأ في الميل إلى الوحدة لتنعزل تدريجيا وتتفرغ للقيام بشيئين أساسيين بالنسبة لها ولكل شخص يعاني مثلها ألا وهما قياس الوزن، والتدقيق في رؤية تفاصيل الجسم، فالميزان والمرآة هما أعز صديقين لمريضة الأنروكسيا التي يصح أن نقول عنها أنها تعاني من “مرض الوهم” لأنها ومع درجة نحافتها تلك إلا أنها وعندما تبصر نفسها في المرآة يخيل لها أنها بدينة جدا فتسرع إلى الميزان لتتأكد من أنها لم تزد ولو بغرام واحد، وهاتان العمليتان تقوم بهما عدة مرات في اليوم، أو لنقل عدة مرات في الساعة الواحدة.

مقالات ذات صلة