الرأي

ألف مبروك.. ولكن!

قادة بن عمار
  • 6847
  • 0

أن تكون نسبة النجاح في البكالوريا أفضل من العام الماضي، ليس دليلا على أن الأمور تحسنت، أو “الإصلاحات” نجحت، أو أن الوزيرة بن غبريط فازت بالجائزة الكبرى، فالأكيد أن الجميع بات يدرك اليوم أن النتيجة وإن فاقت النصف، لا تعبّر عن وضعية الامتحان ولا عن حال المنظومة التربوية برمَّتها.

من حق الفائزين في البكالوريا أن يفرحوا، ومن حق الراسبين أن يجرّبوا حظهم مرة أخرى العام المقبل، لكن ليس من حق المسؤولين الاختفاء وراء نسبة مئوية، مهما بلغت، للهروب من المحاسبة، أو تبرير الفشل الدائم بالقول إن المدرسة بخير ما دام الناجحون كُثرا، فأنْ تحصل على نسبة 20 بالمائة من الناجحين الحقيقيين أفضل من 70 بالمائة ممن لا يحسنون كتابة طلب عمل أو التفريق بين التاء المفتوحة والتاء المربوطة!

كيف يمكن الاقتناع مثلا بأن جلّ الأساتذة الذين تم سؤالهم أثناء التصحيح توقعوا نسبة نجاح منخفضة، بالنظر إلى الأجوبة التي اطلعوا عليها وصححوها، ثم تخرج علينا الوزارة الوصية بهذا الرقم؟ وطبعا لا أحد يمتلك الطريقة أو الصلاحية ولا حتى الإمكانية للتحقق من تلك النسبة في ظلّ انغلاق اللعبة ومصادرة الحق في المعلومة واختطاف المدرسة.

لا أحد يكره أن يفوز عددٌ كبير من المترشحين بالبكالوريا، بل نتمنى عدم رؤية راسب واحد لو أمكن، لكن يجب عدم تغطية الشمس بالغربال، أو تضليل الجزائريين بالقول إن الداعين إلى إصلاحات عميقة وحقيقية، يكرهون الوزيرة لشخصها أو يريدون للطلبة أن يفشلوا دعما للنقابات أو مساهمة منهم في إشعال الوضع.

البكالوريا فقدت سمعتها وهيبتها منذ فترة طويلة، وقد تم تكريس هذا الانطباع السيئ والسمعة المنبوذة في فترة الوزيرة بن غبريط التي استفحل الغش في عهدها بشكل غير مسبوق، والأغرب أن تخرج علينا “معاليها” بالقول إن السبب في الغش هو التقدم التكنولوجي! وكأنه يجب علينا أن نبقى متخلفين ونقطع الأنترنت عن كامل الجزائريين ونُعسْكر الامتحان بطريقة مفضوحة من أجل ضمان بقاء السيدة الوزيرة في منصبها وعدم إزعاجها وطاقمها في مسيرتهم العظيمة نحو النجاح!

بن غبريط لا تفعل شيئا غير تصدير مزيد من الفاشلين نحو الجامعة، والأعداد الكبيرة للراسبين في السنة أولى جامعي والتي فاقت، حسب إحصائيات رسمية، الـ60 بالمائة دليلٌ على ما نقول، زيادة على أن الوزيرة وبدلا من متابعة المتورطين في الغش، أو حتى تحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية عن انتشار هذا الوباء الخطير، راحت تنصّب اللجان وتعيِّن المسؤولين من أجل استكمال “إصلاحات” لا يعلم بمضمونها أحد، إصلاحات لا تصلح أبدا!

على الجهات المسؤولة ألا تختفي وراء النتيجة أو نسبة النجاح المعلنة بل تعمل على إنقاذ البكالوريا والمنظومة التربوية برمَّتها من هاجس السمعة السيئة وكذا من الإضرابات التي تتكرر سنويا وتبحث في أسباب انقطاع الحوار الاجتماعي مع النقابات المستقلة. والأهمّ من كل ما سبق، عدم الوقوع في فخ “الإصلاحات” المزعومة التي تريد الوزيرة الحالية تسويقها كرؤية وحيدة للخروج بالقطاع والمدرسة من مأزقها المستمرّ منذ سنوات.

مقالات ذات صلة