الرأي

أكاذيب!

قادة بن عمار
  • 4079
  • 4

حين يقول السفير العراقي في الجزائر أن جماعة وزارة الخارجية، ومعهم الحقوقيون الذين صدّعوا رؤوسنا بالحديث عن الجزائريين المعتقلين في بلاد الرافدين، لم يتحركوا لنجدتهم حقا، ولم يراسلوا الجهات المعنية، بل حوّلوهم إلى مجرّد سجّل تجاري وفرقعة اعلامية، كما لم تتحرك الحكومة لاستدعاء السفير بعد إعدام أحدهم، فذلك أمر خطير يدل مجددا على أن وزارة الخارجية ليست فقط فاشلة في التسيير والدفاع عن البلاد والعباد، ولكنها أيضا وزارة تمارس التضليل بامتياز!

السفير في تصريحاته الأخيرة للشروق لم يفضح وزارة الخارجية وحدها، وإنما أيضا أكاذيب جماعة الحقوقيين وفي مقدمتهم فاروق قسنطيني الذي لم يساعد أيّ مظلوم، سواء في الداخل ولا في الخارج، ولو وفّر ربع ما يقوم به من جهد في الظهور اعلاميا لحلّ مشاكل الجزائريين المظلومين حقا، لارتحنا من الحديث عن كل هذه الهموم واتجهنا لما هو أهم!

قضية إعدام أحد الجزائريين المعتقلين في العراق، تمت معالجتها من زاوية ضيقة، تتعلق فقط بأداء وزارة الخارجية المنكوبة عندنا، أو بافتقاد حكومة المالكي وسفارته إلى حجج مقنعة وقوية قانونيا، تبرر من خلالها هذا الفعل الشنيع، ولكن في حقيقة الأمر، فإن الإجرام الحقيقي يتمثل في التغرير بعدد كبير من الجزائريين، وتحديدا منهم، صغار السن، في سبيل تصديرهم إلى قواعد الموت وجماعات التدمير، ومافيا السلاح، وكل ذلك يتم تحت عنوان عريض، هو احياء فريضة الجهاد!

الأمر ذاته وقع في ليبيا مؤخرا بعد ما كشفت مصالح الأمن عن خيوط شبكة لتجنيد مقاتلين لفائدة الميليشيات المسلحة في ليبيا، كانت تخطط لإدخال 27 جزائريا إلى بني وليد وبنغازي، حتى قيل أن عددا من الجزائريين تورطوا رفقة كتائب ما يسمى بأنصار الشريعة في تنفيذ عملية قتل السفير الأمريكي عقب الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم!

بمعنى آخر، أن فكر تجنيد الشباب في ما يسمى بالمنظمات الجهادية لم يتوقف، حتى وإن كانت ليبيا في الوقت الراهن تسعى لبناء دولتها الحقيقية، دون الحديث عن شكلها النهائي أو طريقة تنفيذها، فذلك أمر يهم الليبيين وحدهم، كما أن العراقيين، لم يعودوا بحاجة إلى مساعدة من العرب أو المسلمين في سبيل التخلص من الاحتلال الأمريكي طالما أن الإجرام الذي ينفذه المالكي ومعه ميليشيات بقية الزعماء السياسيين بيّن للجميع أنه أخطر بكثير مما يفكر فيه أي احتلال!

وهنا لا تصدقوا أن بعض أنصار القذافي يقاتلون في الوقت الراهن بعض أذناب المستعمر الأجنبي من أجل تحرير البلاد، بل يفعلون ذلك لاسترجاع مكاسبهم وقصورهم ومكانتهم، في الوقت الذي يدرك فيه الجميع أن العراقيين، باتوا يتحسرون سنة عقب أخرى على سنوات صدام بعد ما رأوا الويلات من حكم المالكي وطالباني، والأدهى والأمرّ أن عددا منهم بات يستنجد بالمحتل حتى لا يقع عليه ظلم ذوي القربى، وما أشده وأمكره!

وبالعودة الى قضية الجزائريين المعتقلين في العراق، فلا مجال لنكذب على أنفسنا بالقول أنهم تورطوا في قضايا تتعلق بالسرقات ربما أو حتى بالدخول غير الشرعي، بل انهم سافروا وكلهم تصميم وإصرار على رفع لواء الجهاد ضد المحتل وأعوانه، وهنا، لابد من تركيز الجهود على نقطة المحاكمات الصورية التي يتعرضون لها، وعلى الطريقة السريعة التي يتم من خلالها إصدار العقوبات ضدهم، خصوصا أن المالكي، والشهادة لله، لم يفرق في ظلمه ودمويته بين عراقي أو جزائري ولا حتى مصري أو مغربي، فالكل عنده سواء، يستحقون الشنق، والقتل، والتعذيب، طالما أن الرجل اعتمد سياسة مراكمة الجثث من أجل البقاء على الكرسي كسبيل أوحد لمواجهة كل الانتقادات والحملات ومقارعة المعارك.

مقالات ذات صلة