جواهر
رفضوا الزواج بعدهن

أزواج يحتفظون بثياب وخصلات شعر زوجاتهم المتوفيات!

سمية سعادة
  • 5107
  • 5

على عكس الأزواج الذي يستعجلون وفاة زوجاتهم المصابات بأمراض خطيرة، أو الذين ينتظرون” الأربعينية” وربما “العشرينية” ليعلنوا زواجهم، هناك نوع من الرجال دماؤهم ممزوجة بالوفاء.

قد تبدو علاقاتهم مع زوجاتهم عادية، ولا قد لا يظهر عليها ما يشي بعمق الصلة بينهم وبينهن، ولكنهم وقت “الشدة” يكشفون عن سخاء مشاعرهم، وطيب معدنهم.

هم رجال رفضوا أن يستبدلوا زوجاتهم اللواتي استبد بهن المرض ، وآخرون فضلوا أن يعيشوا على ذكريات رفيقات الدرب اللواتي مضى على وفاتهن سنوات طويلة، رغم أنه ليس هناك ما يعيب في ذلك من الناحية الشرعية، أو ما يثير سخط المجتمع أو استنكاره لأنه من حق الزوج أن يتزوج متى شاء بعد وفاة زوجته طالما أنه لا يقوى على استكمال الحياة بمفرده.

(م.م ) أستاذة في التعليم الثانوي، تقول عن تلميذتها التي تبلغ من العمر17 سنة إن والدتها ماتت أثناء ولادتها وتركتها هي وشقيقها مع والدهما الذي يعمل في مجال التعليم والذي رفض أن يتزوج بعدها، مشددا على أنه ليس مسموحا لامرأة أخرى أن تطأ بيتهم بعد زوجته التي ماتت قبل 17 سنة.

وعن قصة وفاء نادرة، تقول السيدة( ع .س) إن جدها كان يحب جدتها كثيرا وعندما ماتت عاش بعدها 30 سنة بدون أن يتزوج، والغريب في

الأمر أنه ظل محتفظا بخصلات شعرها في ” التزدام” وهو الكيس الصغير الذي يعلق قديما في خصر الرجال ويحفظ فيه النقود، حيث كان يعلقه في رقبته، وحين توفي ظن أولاده أنه ترك لهم بعضا من متاع الدنيا، ولكنهم تفاجؤوا بخصلات شعر والدتهم داخله فأجهشوا بالبكاء.

في نفس السياق، تقول السيدة( أ.ل ) إن قريبتها توفيت منذ خمس سنوات وتركت 3 أطفال خلفها، ولكن زوجها رفض أن يتزوج، ومنع أهلها من أن ينزعوا ثيابها من الخزانة، حيث طلب منهم أن يتركوه مرتبا بالطريقة التي تركته عليها.

وعن عمتها أيضا، تقول السيدة حمدي، إنها ماتت على طاولة الولادة بعدما أنجبت طفلة أصبحت اليوم في الثلاثين من عمرها، بينما بلغ والدها سبعون عاما، في هذا السن أرغمه أولاده على الزواج من امرأة اختاروها بأنفسهم وهو كاره لها، وصار كل يوم يزور بيت أصهاره ويذرف الدموع معبرا عن عدم رضائه بهذا الزواج، وبعد اكتمال سنة على ذلك انتقل إلى رحمة الله.

وبينما يبدي بعض الأزواج تذمرهم من زوجاتهم المصابات بمرض عضال، رفض والد السيدة أم أروى أن يتزوج على زوجته المريضة، حيث تقول هذه السيدة عن أبيها:

” كانت أمي مريضة جدا، ما اضطر خالي إلى اصطحابها إلى الخارج للعلاج، حيث مكثت هناك مدة طويلة، فتحمل والدي مسؤولية أطفاله الستة الذين كانوا كلهم صغارا، وغم أن أهله أرادوه أن يتزوج، وبادروا إلى خطبة امرأة له، لكنه طردهم من البيت، ورفض أن يخون والدتي”.

تضيف أم أروى” كان أهله يقولون له: “إن زوجتك ميتة ميتة، ولذلك عليك أن تتزوج” لكن كان يقول لهم “لن أجلب زوجة أب لأبنائي، وبفضل الله” تقول هذه السيدة” شفيت أمي التي يئسنا من شفائها، وعادت إلينا وكأنها وردة متفتحة لدرجة أننا نحن وأبي لم نتعرّف عليها في المطار، لأنها ذهبت في رحلة العلاج وكأنها هيكل عظمي يتحرك”.

هي حالات نادرة في زمن كثر فيه الطعن في الصدر وخلف الظهر من أزواج تنكروا لزوجاتهم المريضات، وحتى اللواتي يتمتعن بصحة جيدة وبخصال طيبة وصفات مميزة.

وهم أزواج ينبغي أن ترفع لهم القبعات على حجم الوفاء الذي يمتلكونه، ولكن لا يعني ذلك أن ننحي باللائمة على الأزواج الذين تزوجوا بعد وفاة زوجاتهم، والذين ولا شك يمتلكون جانبا مضيئا في حياتهم، وليس بالضرورة أن يكون الوفاء لذكرى الأموات.

مقالات ذات صلة