أحزاب.. “عدم الانحياز”!!
![أحزاب.. “عدم الانحياز”!!](https://i.dzs.cloud/www.echoroukonline.com/wp-content/uploads/2021/03/NaimaSalh6_354509105.jpg?resize=790,444.375)
يروى عن الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة معارضته الشديدة لمنظمة دول عدم الانحياز، حيث قال يوما في رده على سؤال لأحد الصحفيين الفرنسيين أنه يجد متعته كليا في الانحياز، فـ”حلاوة الدنيا كلها في الانحياز لهذا الطرف أو ذاك”، مستعملا مثال كرة القدم، فـ”أنت لا تجد متعتك في مشاهدة مباراة كروية إلا بالانحياز لأحد الفريقين ضد الآخر، ولا يمكن أن تبقى موضع المتفرج دوما”!!
تذكرت هذا الكلام وأنا أقرأ “التحليل الاستراتيجي المهم” الذي خرجت به زعيمة حزب العدل والبيان نعيمة صالحي، حين ردت على نفسها “تهمة” مساندة النظام بالقول أنها ليست مع الرئيس، ولكنها أيضا ليست مع خصومه.. بل هي تمثل معارضة عدم الانحياز!!
وهنا، يمكن القول بأن صالحي “جات تكحلها عماتها”، فبعد أيام قليلة من تصنيف نفسها ضمن المعارضة الباكية “خصوصا عندما تستمع إلى رسائل رئيس الجمهورية”.. ونتيجة ربما تأخر المنصب الموعودة به “ما بعد المصادقة على الدستور”.. راحت تدّعي عدم الانحياز لأي طرف.. لا سلطة ولا معارضة، ناسية أيضا، طرفا ثالثا وهو الشعب الذي خلعها “فايسبوكيا” وحولها إلى وريثة شرعية للويزة حنون، ثم اكتشف معظم الناس أنها مجرد “فرقعة تلفزيونية”.. أي مجرد “محيرقة” مثل “المحارق نتاع المولود””!!
الواقع أن هذا الضجيج “الفارغ” سياسيا لا تعبر عنه السيدة صالحي وحدها، وإنما ورثته عن شيخها أبو جرة سلطاني، فهذا الأخير لا ينافسه أحد في ابتداع و”ابتذال” المصطلحات الخاصة بـ”الولاء”، وهو بعد ما صنف نفسه في حوار صحفي ضمن ممارسي المعارضة الناصحة، عاد في حوار آخر ليميز معارضته عن شكلين آخرين للمعارضة وهما الشاطحة والناطحة.. متناسيا أنه.. لا وزاراته الكثيرة كانت فالحة.. ولا معارضته الشكلية باتت صالحة!!
مشكلة عدم الانحياز تكثر مع هؤلاء الذين يتمسحون ببرنوس الشيخ الراحل محفوظ نحناح (وقد كان مضحكا مبكيا أن تستعين نعيمة صالحي باسم الشيخ لتبرير فعلتها الحربائية في الانتقال من النقيض إلى النقيض!!)، كما أنّ الاعتقاد بات يشبه التسليم النهائي، أن راديكالية حركة مجتمع السلم حاليا ترتبط بسلوك شخص واحد.. وهو عبد الرزاق مقري، أما البقية، فيتمنعون عن المناصب وهم الراغبون، آخرهم.. الوزير السابق الهاشمي جعبوب!!
أمّا كارثة الكوارث، ومأساة المآسي، فهي ما يصنعه زعيم جبهة التغيير، عبد المجيد مناصرة، فقد ابتدع هذا الأخير أسلوبا تفوق فيه على الجميع، ضمن سياسة “ما نجوّع الذيب ما نبكي الراعي” للدرجة التي اختلف فيها المفسرون وتناطح المنظرون ما إذا كان وزير الصناعة الأسبق مع هذا الطرف أو ذاك.. لكن الأكيد أنه في معظم الوقت، يتبع سياسة.. عبد المجيد مع المعارضة ومناصرة مع النظام!!