-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الباحث في علم الاجتماع السياسي بفرنسا ازدارن فيصل لـ"الشروق":

أحداث السابع من أكتوبر عرت الحضارة الغربية وقيمها الإنسانية

أحداث السابع من أكتوبر عرت الحضارة الغربية وقيمها الإنسانية
أرشيف
الباحث في علم الاجتماع السياسي بفرنسا الدكتور ازدارن فيصل

يشرح الباحث في علم الاجتماع السياسي بفرنسا الدكتور ازدارن فيصل، التحولات الحاصلة في أوروبا حيال القضية الفلسطينية بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر.
ويقول الدكتور ازدارن الذي تولى التدريس في جامعة باريس 8 سابقا، إن طوفان الأقصى أحدث تحولات كبيرة وعميقة على أصعدة كثيرة، منها السياسة الدولية، وتيرة عزلت الكيان الصهيوني على الساحة الدولية.
ونبه المتحدث أن أحداث السابع من أكتوبر عرت الحضارة الغربية وقيمها الإنسانية، وأن الانتقائية في التعاطي مع هذه القيم قد فضحتها.

هل كان متوقعا قبل السابع أكتوبر، أن تعلن دول أوروبية اعترافها بالدولة الفلسطينية، أم أن المسألة مرتبطة بمسار من التحركات بما في ذلك من لدن السلطة الفلسطينية؟
من المؤكد أن ما حدث في السابع من أكتوبر، قد أحدث تحولات كبيرة وعميقة على أصعدة كثيرة، منها السياسة الدولية، وتيرة عزلة الكيان الصهيوني على الساحة الدولية، وحشد الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية التي كادت أن يتم وأدها بسبب اتفاقيات أبراهام، ومن جهة أخرى، أثار هذا الحدث الجدل حول النزعة الصهيونية التي أضحت نزعة عنصرية واستعمارية بوجه قبيح، ونجاعة القانون الدولي الذي أصبح على المحك، بعدما ضرب عرض الحائط من طرف الكيان الصهيوني وحلفائه الغربيين.
لقد دفع هذا الحدث ببعض الدول التي كانت تتوجس من ممارسات الكيان وعنجهيته إلى توضيح موقفها أكثر حيال القضية الفلسطينية، من قطع للعلاقات معه وضم جهودها لإدانته في المحافل الدولية، ودفع بدول أخرى مثل أيرلندا، إسبانيا والنرويج و ليتوانيا ومالطا إلى الاعتراف بدولة فلسطين رغم الضغوط الأمريكية عليها، خاصة في أروقة هيئة الأمم المتحدة، وابتزاز بعضها.

هل تتوقع حدوث “استفاقة” لدى حكومات أخرى؟
هو وعي بضرورة التصدي لعنجهية الكيان الصهيوني وحلفائها من خلال سياسة الكيل بمكيالين، والتي أدت إلى إخفاء الحقائق حول المجازر، وتعتيم الأصوات المناهضة للإبادة الجماعية في غزة وما يعانيه الفلسطينيون في الضفة الغربية من تمييز عنصري، وقتل ممنهج، واعتقالات بالجملة للفلسطينيين العزل. بالإضافة إلى ظاهرة نزع الأنسنة (Déshumanisation) عن الضحايا الفلسطينيين من النساء والأطفال، ومحاولة إخفاء الحديث عنهم وعن مآسيهم (invisibilisation).

كيف ترى تفاعل النخب في أوروبا مع ما يحدث منذ السابع أكتوبر؟
مع أحداث السابع من أكتوبر، لاحظنا بكل أسف الانهيار الأخلاقي للنخب الغربية، من حيث انحيازها الفاضح للرواية الإسرائيلية، والتحامل على الفلسطينيين والمؤسسة الإعلامية أكبر دليل على ذلك.
وما نستخلصه من هذا الواقع المرير هو تغول ونفوذ اللوبيات الداعمة للكيان الصهيوني، سواء في الطبقة السياسية، خاصة اليمين المتطرف منه، إلى الإعلاميين الذين يروجون للرواية الإسرائيلية ويشككون في أرقام الضحايا التي تنشرها وزارة الصحة بغزة مثلا.
وفي نفس الوقت هناك من النخب الأكاديمية والطلابية والسياسية، من اليسار بكل أطيافه، تستنكر الرواية الإسرائيلية، وتدين بكل قواها المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون يوميا، ولعل هذا الحراك يزداد يوما بعد يوم ويحشد المناصرين أكثر فأكثر، والذي نراه من خلال الاعتصامات في الجامعات العالمية، والمسيرات الأسبوعية والتي أضحت يومية في العديد من البلدان الأوربية، وامتد فتيلها إلى بلدان آسيوية، وأمريكا الشمالية والجنوبية، ولعل النجاح الباهر الذي حققه هذا الحراك العالمي، هو قرار السلطات الفرنسية بإلغاء مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض الدفاع والأمن الدولي (Eurosatory)، المزمع تنظيمه بباريس في غضون شهر جوان، ولكن يبقى الموقف الفرنسي الرسمي محتشما جدا، ولا يتعدى التنديد من خلال البيانات فقط.

الملاحظ كذلك أن دولا أوروبية أخرى كألمانيا وبريطانيا وإيطاليا مثلا، لا تزال في صف دولة الاحتلال لماذا؟
بالنسبة لهذا السؤال، فالجواب لا يمكن إلا أن يكون تاريخيا ومعرفيا، بمعنى أن هذه الدول لم تتخلص من منظومتها الفكرية الاستعمارية، وإلا فكيف يمكن لدول قادت حملات استعمارية منذ أكثر من 150 سنة، ارتكبت خلالها إبادات جماعية في إفريقيا وآسيا، ونهبت ثروات وخيرات تلك الشعوب واستعبدت الملايين من البشر، فأضحت هذه الدول حبيسة تاريخها الأسود وفي بعض الأحيان تحركها فكرة علية العنصر الأبيض (Suprémacisme blanc).
رغم الدعم الشعبي الذي تناله القضية الفلسطينية، بعض الحكومات الغربية لا تستمع لرأي الشارع وتخلت عن قيم مثلى بالنسبة لها ومن ذلك حقوق الإنسان، حماية النساء والأطفال، والحق في الحياة، هل هذه الأنظمة تدافع عن هذه القيم في أقطارها فقط؟
لقد عرت أحداث السابع من أكتوبر الحضارة الغربية وقيمها الإنسانية، فالانتقائية في التعاطي مع هذه القيم قد فضحتها، ما جعل الدعم الشعبي يزداد يوما بعد يوم لصالح القضية الفلسطينية، وبالنسبة للكيان الصهيوني فقد خسر الكثير على الساحة الدولية، ولن تعود الأمور إلى نصابها أبدا، وحتى استعمال المعاداة للسامية كسلاح في وجه كل من ينتقد إسرائيل لم يعد يجدي، فحتى على مستوى النخب التي كانت تؤيد وتناصر إسرائيل بدأت تتهشم وتضمحل على صخرة عدل القضية الفلسطينية وقضية الإنسان الفلسطيني الذي أعاد لقضيته مكانتها المركزية على الساحة الدولية، وحقه في الدفاع عن نفسه وعن وطنه في وجه الاحتلال الصهيوني الغاشم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!